الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ١٨٧
فيركز اللواء على ظهر الكعبة وله ستمائة جناح منها جناحان لا ينشرهما الا في تلك الليلة فينشرهما في تلك الليلة فتجاوز المشرق إلى المغرب فيحث جبريل الملائكة في هذه الليلة فيسلمون على كل قائم وقاعد ومصل وذاكر يصافحونهم ويؤمنون على دعائهم حتى يطلع الفجر فإذا طلع الفجر ينادى جبريل معاشر الملائكة الرحيل الرحيل فيقولون يا جبريل فما صنع الله في حوائج المؤمنين من أمة أحمد صلى الله عليه وسلم فيقول جبريل نظر الله إليهم في هذه الليلة فعفا عنهم وغفر لهم الا أربعة قلنا يا رسول الله من هم قال رجل مد من خمر وعاق لوالديه وقاطع رحم ومشاحن قلنا يا رسول الله ما المشاحن قال هو المصارم فإذا كانت ليلة الفطر سميت تلك الليلة ليلة الجائزة فإذا كانت غداة الفطر بعث الله الملائكة في كل بلاد فيهبطون إلى الأرض فيقيمون على أفواه السكك فينادون بصوت يسمع من خلق الله الا الجن والإنس فيقولون يا أمة محمد اخرجوا إلى رب الكريم يعطى الجزيل ويعفو عن العظيم فإذا برزوا إلى مصلاهم يقول الله للملائكة ما جزاء الأجير إذا عمل عمله فتقول الملائكة الهنا وسيدنا جزاؤه أن يوفيه أجره فيقول فإني أشهدكم يا ملائكتي انى قد جعلت ثوابهم من صيامهم شهر رمضان وقيامه رضاي ومغفرتي ويقول يا عبادي سلوني فوعزتي وجلالي لا تسألوني اليوم شيئا في جمعكم لآخرتكم الا أعطيتكم ولا لدنياكم الا نظرت لكم فوعزتي لأسترن عليكم عثراتكم ما راقبتموني وعزتي لا أخزيكم ولا أفضحكم بين يدي أصحاب الحدود انصرفوا مغفورا لكم قد أرضيتموني ورضيت عنكم فتفرح الملائكة ويستغفرون بما يعطى الله هذه الأمة إذا أفطروا من شهر رمضان * وأخرج البيهقي في الشعب عن كعب الأحبار قال أوحى الله إلى موسى عليه السلام انى افترضت على عبادي الصيام وهو شهر رمضان يا موسى من وافى القيامة وفى صحيفته عشر رمضانات فهو من الابدال ومن وافى القيامة وفى صحيفته عشرون رمضان فهو من المخبتين ومن وافى القيامة وفى صحيفته ثلاثون رمضانا فهو من أفضل الشهداء عندي ثوابا يا موسى انى آمر حملة العرش إذا دخل شهر رمضان ان يمسكوا عن العبادة فكلما دعا صائمو رمضان بدعوة وأن يقولوا آمين وأني أوجبت على نفسي أن لا أرد دعوة صائمي رمضان يا موسى انى ألهم في رمضان السماوات والأرض والجبال والدواب والهوام أن يستغفروا لصائمي رمضان يا موسى اطلب ثلاثة ممن يصوم رمضان فصل معهم وكل واشرب معهم فإني لا أنزل عقوبتي ولا نقمتي في بقعة فيها ثلاثة ممن يصوم رمضان يا موسى ان كنت مسافرا فأقدم وان كنت مريضا فمرهم ان يحملوك وقل للنساء والحيض والصبيان الصغار ان يبرزوا معك حيث يبرز صائمو رمضان عند صوم رمضان فإني لو أذنت لسمائي وأرضى لسلمنا عليهم ولكلمتاهم ولبشرتاهم بما أجيزهم انى أقول لعبادي الذين صاموا رمضان ارجعوا إلى رحالكم فقد أرضيتموني وجعلت ثوابكم من صيامكم ان أعتقكم من النار وان أحاسبكم حسابا يسيرا وان أقيل لكم العثرة وان أخلف لكم النفقة وان لا أفضحكم بين يدي أحد وعزتي لا تسألوني شيئا بعد صيام رمضان وموقفكم هذا من آخرتكم الا أعطيتكم ولا تسألوني شيئا من أمر دنياكم الا نظرت لكم * وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي والإصبهاني عن عمر بن الخطاب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذاكر الله في رمضان مغفور وسائل الله فيه لا يخيب * وأخرج البخاري ومسلم والترمذي في الشمائل والنسائي والبيهقي عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه جبريل كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض النبي صلى الله عليه وسلم عليه القرآن فإذا لقيه جبريل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة * وأخرج ابن ماجة عن أنس قال دخل رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها الا محروم * وأخرج البزار عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة من رمضان وان لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة * وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله إلى خلقه وإذا نظر الله إلى عبده لم يعذبه أبدا ولله في كل يوم ألف ألف عتيق من النار فإذا كانت ليلة تسع وعشرين أعتق الله فيها مثل جميع ما أعتق في الشهر
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست