الخاص يدل على ثبوت العام ونفيه لا يدل على نفيه ولا شك أن زيادة المفهوم من اللفظ توجب الالتذاذ به فلذلك كان نفي العام أحسن من نفي الخاص وإثبات الخاص أحسن من إثبات العام فالأول كقوله * (فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم) * لم يقل (بضوئهم) بعد قوله * (أضاءت) * لأن النور أعم من الضوء إذ يقال على القليل والكثير وإنما يقال الضوء على النور الكثير ولذلك قال * (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا) * ففي الضوء دلالة على النور فهو أخص منه فعدمه يوجب عدم الضوء بخلاف العكس والقصد إزالة النور عنهم أصلا ولذا قال عقبه * (وتركهم في ظلمات) * 4865 ومنه * (ليس بي ضلالة) * ولم يقل (ضلال) كما قالوا * (إنا لنراك في ضلال) * لأنها أعم منه فكان أبلغ في نفي الضلال وعبر عن هذا بأن نفي الواحد يلزم منه نفي الجنس البتة وبأن نفي الأدنى يلزم منه نفي الأعلى والثاني كقوله * (وجنة عرضها السماوات والأرض) * ولم يقل (طولها) لأن العرض أخص إذ كل ما له عرض فله طول ولا ينعكس ونظير هذه القاعدة أن نفي المبالغة في الفعل لا يستلزم نفي أصل الفعل وقد أشكل على هذا آيتان قوله تعالى * (وما ربك بظلام للعبيد) * وقوله * (وما كان ربك نسيا) * 4866 وأجيب عن الآية الأولى بأجوبة أحدها أن (ظلاما) وإن كان للكثرة لكنه جيء به في مقابلة (العبيد) الذي هو جمع كثرة ويرشحه أنه تعالى قال * (علام الغيوب) * فقابل صيغة (فعال) بالجمع وقال في آية أخرى * (عالم الغيب) * فقابل صيغة (فاعل) الدالة على أصل الفعل بالواحد الثاني أنه نفى الظلم الكثير لينتفي القليل ضرورة لأن الذي يظلم إنما يظلم لانتفاعه بالظلم فإذا ترك الكثير مع زيادة نفعه فلأن يترك القليل أولى الثالث أنه على النسبة أي بذي ظلم حكاه ابن مالك عن المحققين
(٢١٠)