تنبيهات الأول 4859 زعم بعضهم أن شرط صحة النفي عن الشيء صحة اتصاف المنفي عنه بذلك الشيء وهو مردود بقوله تعالى * (وما ربك بغافل عما يعملون) * * (وما كان ربك نسيا) * * (لا تأخذه سنة ولا نوم) * ونظائره والصواب أن انتفاء الشيء عن الشيء قد يكون لكونه لا يمكن منه عقلا وقد يكون لكونه لا يقع منه مع إمكانه الثاني 4860 نفي الذات الموصوفة قد يكون نفيا للصفة دون الذات وقد يكون نفيا للذات أيضا من الأول * (وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام) * أي بل هم جسد يأكلونه ومن الثاني * (لا يسألون الناس إلحافا) * أي لا سؤال لهم أصلا فلا يحصل منهم إلحاف * (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) * أي لا شفيع لهم أصلا * (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) * أي لا شافعين لهم فتنفعهم شفاعتهم بدليل * (فما لنا من شافعين) * ويسمى هذا النوع عند أهل البديع نفي الشيء بإيجابه وعبارة ابن رشيق في تفسيره أن يكون الكلام ظاهره إيجاب الشيء وباطنه نفيه بأن ينفي ما هو من سببه كوصفه وهو المنفي في الباطن وعبارة غيره أن ينفى الشيء مقيدا والمراد نفيه مطلقا مبالغة في النفي وتأكيدا له ومنه * (ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به) * فإن (الإله مع الله) لا يكون إلا عن غير برهان * (ويقتلون النبيين بغير حق) * فإن قتلهم لا يكون إلا بغير حق * (رفع السماوات بغير عمد ترونها) * فإنها لا عمد لها أصلا الثالث 4861 قد ينفى الشيء رأسا لعدم كمال وصفه أو انتفاء ثمرته كقوله في صفة أهل النار * (ثم لا يموت فيها ولا يحيى) * فنفى عنه الموت لأنه ليس بموت
(٢٠٨)