الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٠
النوع الثامن عشر التتميم 4813 وهو أن يؤتى في كلام لا يوهم غير المراد بفضلة تفيد نكتة كالمبالغة في قوله * (ويطعمون الطعام على حبه) * أي مع حب الطعام أي اشتهائه فإن الإطعام حينئذ أبلغ وأكثر أجرا ومثله * (وآتى المال على حبه) * * (ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف) * فقوله (وهو مؤمن) تتميم في غاية الحسن النوع التاسع عشر الاستقصاء 4814 وهو أن يتناول المتكلم معنى فيستقصيه فيأتي بجميع عوارضه ولوازمه بعد أن يستقصى جميع أوصافه الذاتية بحيث لا يترك لمن يتناوله بعده فيه مقالا كقوله تعالى * (أيود أحدكم أن تكون له جنة) * الآية فإنه تعالى لو اقتصر على قوله (جنة) لكان كافيا فلم يقف عند ذلك حتى قال في تفسيرها * (من نخيل وأعناب) * فإن مصاب صاحبها بها أعظم ثم زاد * (تجري من تحتها الأنهار) * متمما لوصفها بذلك ثم كمل وصفها بعد التتميمين فقال * (له فيها من كل الثمرات) * فأتى بكل ما يكون في الجنان ليشتد الأسف على إفسادها ثم قال في وصف صاحبها * (وأصابه الكبر) * ثم استقصى المعنى في ذلك بما يوجب تعظيم المصاب بقوله بعد وصفه بالكبر * (وله ذرية) * ولم يقف عند ذلك حتى وصف الذرية بالضعفاء ثم ذكر استصال الجنة التي ليس لهذا المصاب غيرها بالهلاك في أسرع وقت حيث قال * (فأصابها إعصار) * ولم يقتصر على ذكره للعلم بأنه لا يحصل سرعة الهلاك فقال * (فيه نار) * ثم لم يقف عند ذلك حتى أخبر باحتراقها لاحتمال أن تكون النار ضعيفة لا تفي باحتراقها لما فيها من الأنهار ورطوبة الأشجار فاحترس عن هذا الاحتمال بقوله * (فاحترقت) * فهذا أحسن استقصاء وقع في كلام وأتمه وأكمله 4815 قال ابن أبي الإصبع والفرق بين الاستقصاء والتتميم والتكميل أن التتميم يرد على المعنى الناقص ليتم والتكميل يرد على المعنى التام فيكمل أوصافه والاستقصاء يرد على المعنى التام الكامل فيستقصى لوازمه وعوارضه
(٢٠٠)
مفاتيح البحث: الهلاك (1)، الطعام (2)، الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»