تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٤ - الصفحة ٦٤
وقوله سبحانه: / * (وما أعجلك عن قومك يا موسى) * الآية، وقصص هذه الآية: أن موسى عليه السلام لما شرع في النهوض ببني إسرائيل إلى جانب الطور; حيث كان الموعد أن يكلم الله موسى بمالهم فيه شرف العاجل والآجل - رأي موسى عليه السلام على جهة الاجتهاد أن يتقدم وحده مبادرا لأمر الله سبحانه; طلبا لرضائه، وحرصا على القرب منه، وشوقا إلى مناجاته، واستخلف عليهم هارون، وقال لهم موسى: تسيرون إلى جانب الطور، فلما انتهى موسى صلى الله عليه وسلم وناجى ربه، زاده الله في الأجل عشرا، وحينئذ وقفه على معنى استعجاله دون القوم; ليخبره موسى أنهم على الأثر، فيقع الأعلام له بما صنعوا، وأعلمه موسى أنه إنما استعجل طلب الرضى، فأعلمه الله سبحانه: أنه قد فتن بني إسرائيل، أي: اختبرهم بما صنع السامري، ويحتمل أن يريد: ألقيناهم في فتنة، فلما أخبر الله تعالى موسى بما وقع، رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا، وباقي الآية بين، وقد تقدم قصصها مستوفى; وسمي العذاب غضبا من حيث هو عن الغضب.
وقرأ نافع، وعاصم: " بملكنا " بفتح الميم، وقرأ حمزة، والكسائي: " بملكنا " بضمة، وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر: " بملكنا " بكسرة; فأما فتح الميم، فهو مصدر من ملك، والمعنى: ما فعلنا ذلك بأنا ملكنا الصواب، ولا وفقنا له، بل غلبتنا أنفسنا.
وأما كسر الميم، فقد كثر استعماله فيما تحوزه اليد، ولكنه يستعمل في الأمور التي يبرمها الإنسان، ومعناها كمعنى التي قبلها، والمصدر مضاف في الوجهين إلى الفاعل.
وقولهم: * (ولكنا حملنا أوزارا...) * الآية; سموها أوزارا من حيث هي ثقيلة الأجرام، أو من حيث تأثموا في قذفها، وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي: " حملنا " بفتح الحاء، والميم.
وقولهم: * (فكذلك) * أي: فكما قذفنا نحن، فكذلك أيضا ألقي السامري.
قال * ع *: وهذه الألفاظ تقتضي أن العجل لم يصغه السامري، ثم أخبر تعالى
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مريم 5
2 طه 43
3 الأنبياء 79
4 الحج 106
5 المؤمنون 141
6 النور 167
7 الفرقان 202
8 الشعراء 224
9 النمل 242
10 القصص 263
11 العنكبوت 288
12 الروم 305
13 لقمان 318
14 السجدة 326
15 الأحزاب 334
16 سبأ 363
17 فاطر 381