رعبه، وربط جأشه، فجمع الله سبحانه لموسى عليه السلام تفتير الرعب مع الآية في اليد.
وروي أن يد موسى خرجت بيضاء تشف وتضئ; كأنها شمس من غير سوء، أي:
من غير برص، ولا مثلة، بل هو أمر ينحسر، ويعود بحكم الحاجة إليه، ولما أمره الله تعالى بالذهاب إلى فرعون، علم أنها الرسالة، وفهم قدر التكليف; فدعا الله في المعونة; إذ لا حول له إلا به.
و * (اشرح لي صدري) * معناه: لفهم ما يرد علي من الأمور، والعقدة التي دعا في حلها هي التي اعترته بالجمرة في فيه، حين جربه فرعون، وروي في ذلك: أن فرعون أراد قتل موسى، وهو طفل حين مد يده عليه السلام إلى لحية فرعون، فقالت له امرأته:
إنه لا يعقل، فقال: بل هو يعقل، وهو عدوي، فقالت له: نجربه، فقال لها: أفعل، فدعا بجمرات من النار، وبطبق فيه ياقوت، فقالا: إن أخذ الياقوت، علمنا أنه يعقل، وإن أخذ النار، عذرناه، فمد موسى يده إلى جمرة فأخذها، فلم تعد على يده، فجعلها في فيه، فأحرقته، وأورثت لسانه عقدة، وموسى عليه السلام إنما طلب من حل العقدة قدرا يفقه معه قوله، فجائز أن تكون تلك العقدة قد زالت كلها، وجائز أن يكون قد بقي منها القليل، فيجتمع أن يؤتى هو سؤله، وأن يقول فرعون: * (ولا يكاد يبين) * [الزخرف: 52].
ولو فرضنا زوال العقدة جملة، لكان قول فرعون سبا لموسى بحالته القديمة.
والوزير: المعين القائم بوزر الأمور، وهو ثقلها، فيحتمل الكلام أن طلب الوزير من أهله على الجملة، ثم أبدل هارون من الوزير المطلوب، ويحتمل أن يريد: واجعل هارون وزيرا، فيكون مفعولا أولا ل * (أجعل) *، وكان هارون عليه السلام أكبر من موسى عليه السلام بأربع سنين، والأزر: الظهر; قاله أبو عبيدة.
وقوله: * (كثيرا) * نعت لمصدر محذوف، أي: تسبيحا كثيرا.