تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٤ - الصفحة ٥٥
واعتز بنو إسرائيل بهذا الرضاع، والسبب من المملكة وأقام موسى عليه السلام حتى كمل رضاعه، فأرسلت إليها آسية: أن جيئيني بولدي ليوم كذا، وأمرت خدمها، ومن معها أن يلقينه بالتحف، والهدايا، واللباس; فوصل إليها على ذلك، وهو بخير حال وأجمل شباب، فسرت به، ودخلت به على فرعون؟ ليراه ويهب له فرآه وأعجبه، وقربه فأخذ موسى عليه السلام بلحية فرعون، وجبذها، فاستشاط فرعون، وقال: هذا عدو لي، وأمر بذبحه، فناشدته فيه امرأته، وقالت: إنه لا يعقل، فقال فرعون: بل يعقل، فاتفقا على تجريبه وكان بالجمرة والياقوت; حسب ما تقدم، فنجاه الله من فرعون ورجع إلى أمه، فشب عندها، فاعتز به بنو إسرائيل إلى أن ترعرع، وكان فتى جلدا فاضلا كاملا، فاعتزت به بنوا إسرائيل بظاهر ذلك الرضاع، وكان يحميهم، ويكون ضلعه معهم، وهو يعلم من نفسه أنه منهم، ومن صميمهم، فكانت بصيرته في حمايتهم أكيدة، وكان يعرف ذلك أعيان بني إسرائيل، ثم وقعت له قصة القبطي المتقاتل ولم مع الإسرائيلي على ما سيأتي إن شاء الله تعالى، وعدد الله سبحانه على موسى في هذه الآية ما تضمنته هذه القصة: من لطفه سبحانه به في كل فصل، وتخليصه من قصة إلى أخرى، وهذه الفتون التي فتنه بها، أي: اختبره بها، وخلصه حتى صلح للنبوءة، بين وسلم لها.
وقوله * (ما يوحى) * / إبهام يتضمن عظم الأمر وجلالته وهذا كقوله تعالى: * (إذ يغشى السدرة ما يغشى) * [النجم: 16] * (فأوحى إلى عبده ما أوحى) * [النجم: 10]. وهو كثير في القرآن، والكلام الفصيح.
وقوله: * (فليلقه اليم بالساحل) * خبر خرج في صيغة الأمر [مبالغة; ومنه قوله صلى الله عليه وسلم " قوموا فلأصل لكم " فأخرج الخبر في صيغة الأمر لنفسه، مبالغة، وهذا كثير، والمراد بالعدو في الآية، فرعون ثم أخبر تعالى موسى عليه السلام أنه ألقى عليه محبة منه.
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مريم 5
2 طه 43
3 الأنبياء 79
4 الحج 106
5 المؤمنون 141
6 النور 167
7 الفرقان 202
8 الشعراء 224
9 النمل 242
10 القصص 263
11 العنكبوت 288
12 الروم 305
13 لقمان 318
14 السجدة 326
15 الأحزاب 334
16 سبأ 363
17 فاطر 381