الهجرة عنها إلى بلد حق; وقاله مالك.
وقوله سبحانه: * (كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون) * تحقير لأمر الدنيا ومخاوفها، كأن بعض المؤمنين نظر في عاقبة تلحقه في خروجه من وطنه; أنه يموت أو يجوع ونحو هذا; فحقر الله سبحانه شأن الدنيا، أي وأنتم لا محالة ميتون ومحشورون إلينا، فالبدار إلى طاعة الله والهجرة إليه أولى يمتثل. ذكر هشام بن عبد الله القرطبي في تاريخه المسمى ب " بهجة النفس " قال: بينما المنصور جالس في منزله في أعلى قصره; إذ جاءه سهم عائد فسقط بين يديه; فذعر المنصور منه ذعرا شديدا، ثم اخذه فجعل يقلبه، فإذا مكتوب عليه بين الريشتين: [الوافر] - أتطمع في الحياة إلى التنادي * وتحسب أن مالك من معاد - - ستسأل عن ذنوبك والخطايا * من وتسأل بعد ذاك عن العباد - ومن الجانب الآخر: [البسيط] - أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت * بن ولم تخف سوء ما يأتي به القدر - - وساعدتك هذه الليالي فاغتررت بها * وعند صفو الليالي يحدث الكدر - وفى الآخر: [البسيط] - هي المقادير تجري في أعنتها * فاصبر فليس لها صبر على حال - - يوما تريك خسيس القوم ترفعه * إلى السماء ويوما تخفض العالي - / ثم قرأ على الجانب الآخر من السهم: [البسيط] - من يصحب الدهر لا يأمن تصرفه * يوما فللدهر إحلاء سنة وإمرار -