تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٥٠٩
أنه قال: ما أدري ما الرقيم؟
قال * ع *: ويظهر من هذه الروايات، أنهم كانوا قوما مؤرخين، وذلك من نبل المملكة، وهو أمر مفيد.
وقوله سبحانه: (إذ أوى الفتية إلى الكهف): (الفتية)، فيما روي، قوم من أبناء أشراف مدينة دقيوس الملك الكافر، ويقال فيه " دقيانوس "، وروي أنهم كانوا مطوقين مسورين بالذهب، وهم من الروم، واتبعوا دين عيسى، وقيل: كانوا قبل عيسى، واختلف الرواة في قصصهم، ونذكر من الخلاف عيونه، وما لا تستغنى الآية عنه: فروي عن مجاهد عن ابن عباس، أن هؤلاء الفتية كانوا في دين ملك يعبد الأصنام، فوقع للفتية علم من بعض الحواريين، حسبما ذكره النقاش، أو من مؤمني الأمم قبلهم، فآمنوا بالله، ورأوا ببصائرهم قبيح فعل الناس، فرفع أمرهم إلى الملك، فاستحضرهم، وأمرهم بالرجوع إلى دينه، فقالوا / له فيما روي: (ربنا رب السماوات والأرض...) [الكهف: 14] الآية، فقال لهم الملك: إنكم شبان أغمار، لا عقل لكم، وأنا لا أعجل عليكم، وضرب لهم أجلا ثم سافر خلال الأجل، فتشاور الفتية في الهروب بأديانهم، فقال لهم أحدهم: إني أعرف كهفا في جبل كذا، فلنذهب إليه.
وروت فرقة أن أمر أصحاب الكهف إنما كان أنهم من أبناء الأشراف، فحضر عيد لأهل المدينة، فرأى الفتية ما ينتحله الناس في ذلك العيد من الكفر وعبادة الأصنام، فوقع الإيمان في قلوبهم، وأجمعوا على مفارقة دين الكفرة، وروي أنهم خرجوا، وهم يلعبون بالصولجان والكرة، وهم يدحرجونها إلى نحو طريقهم، لئلا يشعر الناس بهم، حتى وصلوا إلى الكهف، وأما الكلب فروي أنه كان كلب صيد لبعضهم، وروي أنهم وجدوا في طريقهم راعيا له كلب، فاتبعهم الراعي على رأيهم، وذهب الكلب معهم، فدخلوا الغار، فروت فرقة أن الله سبحانه ضرب على آذانهم عند ذلك، لما أراد من سترهم وخفي على أهل المملكة مكانهم، وعجب الناس من غرابة فقدهم، فأرخوا ذلك ورقموه في لوحين من رصاص أو نحاس، وجعلوه على باب المدينة، وقيل على الرواية: إن الملك بنى باب
(٥٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 514 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة