الهروب إلى الله ومنابذة الناس، كما تقول: قام فلان إلى أمر كذا، إذا اعتزم عليه بغاية الجد، وبهذه الألفاظ التي هي: (قاموا فقالوا)، تعلقت الصوفية في القيام والقول، " والشطط ": الجور وتعدي الحد والحق بحسب أمر أمر، و " السلطان ": الحجة، وقال قتادة: المعنى بعذر بين، ثم عظموا جرم الداعين مع الله غيره، وظلمهم بقولهم: (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا)، وقولهم: (وإذ اعتزلتموهم...) الآية: المعنى قال بعضهم لبعض، وبهذا يترجح أن قوله تعالى: (إذ قاموا فقالوا) إنما المراد به إذ عزموا ونفذوا لأمرهم، وفي مصحف ابن مسعود: " وما يعبدون من دون الله "، ومضمن هذه الآية الكريمة أن بعضهم قال لبعض: إذ قد فارقنا الكفار، وانفردنا بالله تعالى، فلنجعل الكهف مأوى، ونتكل على الله تعالى، فإنه سيبسط علينا رحمته، وينشرها علينا ويهيئ لنا من أمرنا مرفقا، وهذا كله دعاء بحسب الدنيا، وهم على ثقة من الله في أمر آخرتهم، وقرأ نافع وغيره: " مرفقا " بفتح الميم وكسر الفاء، وقرأ حمزة وغيره بكسر الميم وفتح الفاء، ويقالان معا في الأمر، وفي الجارحة، حكاه الزجاج.
وقوله سبحانه: (وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين) و (تزاور)، أي: تميل، و (تقرضهم) معناه / تتركهم، والمعنى: أنهم كانوا لا تصيبهم شمس ألبتة، وهو قول ابن عباس، وحكى الزجاج وغيره، قال: كان باب الكهف ينظر إلى بنات نعش، وذهب الزجاج إلى أن فعل الشمس كان آية من الله تعالى دون أن يكون باب الكهف إلى جهة توجب ذلك، وال (فجوة): المتسع، قال قتادة: في فضاء منه، ومنه الحديث: " فإذا وجد فجوة نص ".