الأمور، فيكون بمنزلة قوله: (وإليه يرجع الأمر كله) [هود: 123] (وإلى الله ترجع الأمور) [البقرة: 210].
وكيف ما تأولت الآية، فالجميع لله سبحانه.
و (تبارك) معناه: عظم، وتعالى، وكثرت بركاته، ولا يوصف بها إلا الله سبحانه.
و (تبارك) لا يتصرف في كلام العرب، فلا يقال منه: يتبارك، و (العالمين) جمع عالم.
قوله عز وجل: (ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين) هذا أمر بالدعاء، وتعبد به، ثم قرن سبحانه بالأمر به صفات تحسن معه. وقوله: (تضرعا) معناه بخشوع، واستكانة، والتضرع لفظة تقتضي الجهر، لأن التضرع إنما يكون بإشارات جوارح وهيئات أعضاء تقترن بالطلب، و (خفية) يريد في النفس خاصة، وقد أثنى الله سبحانه على ذلك في قوله سبحانه: (إذ نادى ربه نداء خفيا) [مريم: 3]، ونحو هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: " خير الذكر الخفي " والشريعة مقررة أن السر فيما لم يفرض من أعمال البر أعظم أجرا من الجهر.
* ت *: ونحو هذا لابن العربي لما تكلم على هذه الآية، قال: الأصل في الأعمال الفرضية الجهر، والأصل في الأعمال النفلية السر، وذلك لما يتطرق إلى النفل من الرياء، والتظاهر بذلك في الدنيا، والتفاخر على الأصحاب بالأعمال، وقلوب الخلق جبلت بالميل إلى أهل الطاعة. انتهى / من " الأحكام ".
وقوله سبحانه: (إنه لا يحب المعتدين) يريد في الدعاء، وإن كان اللفظ عاما، والاعتداء في الدعاء على وجوه منها: الجهر الكثير، والصياح، وفي " الصحيح " عنه صلى الله عليه وسلم:
" أيها الناس اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ".