تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٣٤٢
كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك)، إذ كان الملك لا يرى استرقاق السارق، وإنما كان دينه أن يأخذ المجني / عليه من السارق مثلي السرقة. (إلا أن يشاء الله): التزام الإخوة لدين يعقوب بالاسترقاق، فقضى عليهم به، انتهى.
قال * ع *: والاستثناء في هذه الآية حكاية حال التقدير، إلا أن يشاء الله ما وقع من هذه الحيلة، وروى أبو عمر بن عبد البر بسنده، عن مالك، عن زيد بن أسلم، أنه قال في قوله عز وجل: (نرفع درجات من نشاء): قال: بالعلم، انتهى من " كتاب العلم ".
وقوله سبحانه: (وفوق كل ذي علم عليم)، المعنى: أن البشر في العلم درجات، فكل عالم فلا بد من أعلم منه، فإما من البشر، وإما الله عز وجل، فهذا تأويل الحسن وقتادة وابن عباس وروي أيضا عن ابن عباس: إنما العليم الله، وهو فوق كل ذي علم.
قال ابن عطاء في " التنوير ": أعلم أن العلم حيث ما تكرر في الكتاب العزيز، أو في السنة، فإنما المراد به العلم النافع الذي تقارنه الخشية، وتكتنفه المخافة. انتهى.
قال الشيخ العارف أبو القاسم عبد الرحمن بن يوسف اللجائي رحمه الله: إذا كملت للعبد ثلاث خصال، وصدق فيها، تفجر العلم من قلبه على لسانه، وهي الزهد، والإخلاص، والتقوى، قال: ولا مطمع في هذا العلم المذكور إلا بعد معالجة القلب من علله التي تشينه، كالكبر، والحسد، والغضب، والرياء، والسمعة، والمحمدة والجاه، والشرف، وعلو المنزلة، والطمع، والحرص، والقسوة، والمداهنة، والحقد، والعداوة، وكل ما عددناه من العلل، وما لم نعده راجع إلى أصل واحد، وهو حب الدنيا، لأن حبها عنه يتفرع كل شر، وعنه يتشعب كل قبيح، فإذا زالت هذه العلل ظهر الصدق، والإخلاص، والتواضع، والحلم، والورع، والقناعة، والزهد، والصبر، والرضا، والأنس، والمحبة، والشوق، والتوكل، والخشية، والحزن، وقصر الأمل، ومزاج النية بالعمل، فينبع
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة