تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٣٤٣
العلم، وينتفي الجهل، ويضيء القلب بنور إلهي، ويتلألأ الإيمان، وتوضح المعرفة، ويتسع اليقين، ويتقوى الإلهام، وتبدو الفراسات، ويصفى السر، وتتجلى الأسرار، وتوجد الفوائد. قال رحمه الله: وليس بين العبد والترقي من سفل إلى علو إلا حب الدنيا، فإن الترقي يتعذر من أجل حبها، لأنها جاذبة إلى العالم الظلماني، وطباع النفوس لذلك مائلة، فإن أردت أن تقتفي أثر الذاهبين إلى الله تعالى، فاستخفف بدنياك، وانظرها بعين الزوال، وأنزل نفسك عند أخذ القوت منها منزلة المضطر إلى الميتة، والسلام. انتهى.
وروي أن المفتش كان إذا فرغ من رحل رجل، فلم يجد فيه شيئا، استغفر الله عز وجل من فعله ذلك، وظاهر كلام قتادة وغيره: أن المستغفر هو يوسف حتى انتهى إلى رحل بنيامين، فقال: ما أظن هذا الفتى رضي بهذا، ولا أخذ شيئا، فقال له إخوته: والله، لا تبرح حتى تفتشه، فهو أطيب / لنفسك ونفوسنا، ففتش حينئذ، فأخرج السقاية، وروي أن أخوة يوسف لما رأوا ذلك، عنفوا بنيامين، وقالوا له: كيف سرقت هذه السقاية؟ فقال لهم: والله، ما فعلت، فقالوا له: فمن وضعها في رحلك؟ قال: الذي وضع البضاعة في رحالكم، والضمير في قوله: (استخرجها): عائد على السقاية، ويحتمل على السرقة.
وقوله سبحانه: (قالوا إن يسرق) أي: قالوا إخوة يوسف: إن كان هذا قد سرق، فغير بدع من ابني راحيل، لأن أخاه يوسف قد كان سرق، فهذا من الإخوة إنحاء على ابني راحيل يوسف ويامين، وهذه الأقوال منهم عليهم السلام إنما كانت بحسب الظاهر، وموجب الحكم في النازلتين، فلم يعنوا في غيبة ليوسف، وإنما قصدوا الإخبار بأمر جرى، ليزول بعض المعرة عنهم، ويختص بها هذان الشقيقان، وأما ما روي في سرقة يوسف، فالجمهور على أن عمته كانت ربته، فلما شب، أراد يعقوب أخذه منها، فولعت به، وأشفقت من فراقه، فأخذت منطقة إسحاق، وكانت متوارثة عندهم، فنطقته بها من تحت ثيابه، ثم صاحت، وقالت: إني قد فقدت المنطقة، ويوسف قد خرج بها، ففتشت، فوجدت عنده، فاسترقته، حسب ما كان في شرعهم، وبقي عندها حتى ماتت، فصار عند أبيه.
وقوله: (فأسرها يوسف): يعني: أسر الحزة التي حدثت في نفسه من قول الإخوة.
(٣٤٣)
مفاتيح البحث: الجهل (1)، السرقة (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة