يكون في شأن نوح عليه السلام، وتتسق الآية، ويكون الضمير في " افتراه " عائد على ما توعدهم به، أو على جميع ما أخبرهم به، و " أم " بمعنى " بل ".
وقوله سبحانه: (وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن...) الآية، قيل لنوح هذا بعد أن طال عليه كفر القرن بعد القرن به، وكان يأتيه الرجل بابنه، فيقول: يا بني، لا تصدق هذا الشيخ، فهكذا عهده أبي وجدي كذابا مجنونا، رواه عبيد بن عمير وغيره، فروي أنه لما أوحي إليه ذلك، دعا، فقال: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) [نوح: 26]، و (تبتئس) من البؤس، ومعناه: لا تحزن.
وقوله: (بأعيننا): يمكن أن يريد بمرأى منا، فيكون عبارة عن الإدراك والرعاية والحفظ، ويكون جمع الأعين، للعظمة لا للتكثير، كما قال عز من قائل: (فنعم القادرون) [المرسلات: 23]، والعقيدة أنه تعالى منزه عن الحواس، والتشبيه، والتكييف، لا رب غيره، ويحتمل قوله: (بأعيننا) أي: بملائكتنا الذين جعلناهم عيونا على مواضع حفظك ومعونتك، فيكون الجمع على هذا التأويل: للتكثير.
وقوله: (ووحينا) معناه: وتعليمنا له صورة العمل بالوحي، وروي في ذلك: " أن نوحا عليه السلام لما جهل كيفية صنع السفينة، أوحى الله إليه، أن أصنعها على مثال جؤجؤ الطائر " إلى غير ذلك مما علمه نوح من عملها. وقوله: (ولا تخاطبني في الذين ظلموا...) الآية، قال ابن جريج في هذه الآية: تقدم الله إلى نوح ألا يشفع فيهم.
وقوله: (ويصنع الفلك): التقدير: فشرع يصنع، فحكيت حال الاستقبال، وال (ملأ) هنا: الجماعة.
وقوله: (سخروا منه...) الآية: السخر: الاستجهال مع استهزاء، وإنما سخروا منه في أن صنعها في برية.
وقوله: (فإنا نسخر منكم) قال الطبري: يريد في الآخرة.
قال * ع *: ويحتمل الكلام - وهو الأرجح - أن يريد: إنا نسخر منكم الآن،