تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٢٨٦
بحمل أهله، وابنه من أهله، فينبغي أن يحمل، فأظهر الله له أن المراد من آمن من الأهل، وهذه الآية تقتضي أن نوحا عليه السلام ظن أن ابنه مؤمن /.
وقوله: (إنه ليس من أهلك) أي: الذين عمهم الوعد، لأنه ليس على دينك، وإن كان ابنك بالولادة.
وقوله: (عمل غير صالح): جعله وصفا له بالمصدر، على جهة المبالغة في وصفه بذلك، كما قالت الخنساء تصف ناقة ذهب عنها ولدها: [البسيط] ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت * فإنما هي إقبال وإدبار أي: ذات إقبال وإدبار، ويبين هذا قراءة الكسائي " إنه عمل غير صالح " فعلا ماضيا، ونصب " غير " على المفعول ل " عمل "، وقول من قال: " إن الولد كان لغية " خطأ محض، وهذا قول ابن عباس والجمهور، قالوا: وأما قوله تعالى: (فخانتاهما) [التحريم: 10] فإن الواحدة كانت تقول للناس: هو مجنون، والأخرى كانت تنبه على الأضياف، وأما خيانة غير هذا، فلا، ويعضده المعنى، لشرف النبوة، وجوز المهدوي أن يعود الضمير في " إنه " على السؤال، أي: إن سؤالك إياي ما ليس لك به علم عمل غير صالح، قاله النخعي وغيره. انتهى. والأول أبين، وعليه الجمهور، وبه صدر المهدوي، ومعنى قوله: (فلا تسألن ما ليس لك به علم) أي: إذا وعدتك، فأعلم يقينا، أنه لا خلف في الوعد، فإذا رأيت ولدك لم يحمل، فكان الواجب عليك أن تقف، وتعلم أن ذلك بحق واجب عند الله.
قال * ع *: ولكن نوحا عليه السلام حملته شفقة الأبوة وسجية البشر على التعرض لنفحات الرحمة، وعلى هذا القدر وقع عتابه، ولذلك جاء بتلطف وترفيع في قوله سبحانه: (إني أعظك أن تكون من الجاهلين)، ويحتمل قوله: (فلا تسألني ما ليس لك به علم) أي: لا تطلب مني أمرا لا تعلم المصلحة فيه علم يقين، ونحا إلى هذا أبو علي
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة