تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٢٨٥
فاعل على بابه، وقوله: (إلا من رحم): يريد: إلا الله الراحم، ف‍ " من " كناية عن الله، المعنى: لا عاصم اليوم إلا الذي رحمنا.
وقوله سبحانه: (وقيل يا أرض ابلعي ماءك...) الآية: البلع: تجرع الشئ، وازدراده، والإقلاع عن الشئ: تركه، و (غيض) معناه: نقص، وأكثر ما يجيء فيما هو بمعنى الجفوف، وقوله: (وقضي الأمر): إشارة إلى جميع القصة: بعث الماء، وإهلاك الأمم، وإنجاء أهل السفينة.
قال * ع *: وتظاهرت الروايات وكتب التفسير بأن الغرق نال جميع أهل الأرض، وعم الماء جميعها، قاله ابن عباس وغيره، وذلك بين من أمر نوح بحمل الأزواج من كل الحيوان، ولولا خوف فنائها من جميع الأرض، ما كان ذلك، وروي أن نوحا عليه السلام ركب في السفينة من عين الوردة بالشام أول يوم من رجب، واستوت [السفينة] على الجودي في ذي الحجة، وأقامت عليه شهرا، وقيل له: (اهبط) في يوم عاشوراء، فصامه هو ومن معه، وروي أن الله تعالى أوحى إلى الجبال، أن السفينة ترسى على واحد منها، فتطاولت كلها، وبقي الجودي، وهو جبل بالموصل في ناحية الجزيرة، لم يتطاول، تواضعا لله، فاستوت السفينة بأمر الله عليه، وقال الزجاج: الجودي: هو بناحية " آمد "، وقال قوم: هو عند باقردي، وأكثر الناس في قصص هذه الآية، والله أعلم بما صح من ذلك.
وقوله: (وقيل بعدا): يحتمل أن يكون من قول الله عز وجل، عطفا على قوله:
(وقيل) الأول، ويحتمل أن يكون من قول نوح والمؤمنين، والأول أظهر.
وقوله: (إن ابني من أهلي...) الآية: احتجاج من نوح عليه السلام أن الله أمره
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة