أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار، ثم قرأ قوله تعالى: (أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها) "، أي: في الدنيا وهذا نص في مراد الآية، والله أعلم. انتهى.
و (حبط): معناه: بطل وسقط، وهي مستعملة في فساد الأعمال.
قال * ص *: قوله: (ما صنعوا): " ما " بمعنى: " الذي "، أو مصدرية، و " فيها ":
متعلق ب " حبط "، والضمير في " فيها " عائد على الآخرة، أي: ظهر حبوط ما صنعوا في الآخرة، أو متعلق ب " صنعوا "، فيكون عائدا على الدنيا. انتهى.
و " ال (باطل): كل ما تقتضي ذاته ألا تنال به غاية في ثواب ونحوه، وقوله سبحانه:
(أفمن كان على بينة من ربه): في الآية تأويلات.
قال * ع *: والراجح عندي من الأقوال في هذه الآية: أن يكون " أفمن " للمؤمنين، أو لهم وللنبي صلى الله عليه وسلم معهم، وال (بينة): القرآن وما تضمن، وال (شاهد):
الإنجيل، يريد: أو إعجاز القرآن في قول، والضمير في " يتلوه " للبينة، وفي " منه " للرب، والضمير في " قبله " للبينة أيضا، وغير هذا مما ذكر محتمل، فإن قيل: إذا كان الضمير في " قبله " عائدا على القرآن، فلم لم يذكر الإنجيل، وهو قبله، وبينه وبين كتاب موسى؟، فالجواب: أنه خص التوراة بالذكر، لأنه مجمع عليه، والإنجيل ليس كذلك، لأن اليهود تخالف فيه، فكان الاستشهاد بما تقوم به الحجة على الجميع أولى، وهذا يجري مع قول الجن: (إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى) [الأحقاف: 30] و (الأحزاب)، هاهنا يراد بهم جميع الأمم، وروى سعيد بن جبير، عن أبي موسى الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " ما من أحد يسمع بي من هذه الأمة ولا من اليهود والنصارى ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار "، قال سعيد: فقلت: أين مصداق هذا في كتاب الله؟ حتى وجدته في هذه الآية، وكنت إذا سمعت حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم طلبت مصداقه في كتاب الله عز وجل، وقرأ