في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين (35) * إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون (36)) وقوله سبحانه: (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا) الآية.
قال ابن جريج، والضحاك: عزى الله بهذه الآية نبيه - عليه السلام - ثم قوى سبحانه رجاء نبيه فيما وعده من النصر، بقوله: (ولا مبدل لكلمات الله)، أي: لا راد لأمره، وكلماته السابقة بما يكون، فكأن المعنى: فاصبر كما صبروا، وانتظر ما يأتي، وثق بهذا الإخبار، فإنه لا مبدل له.
وقوله تعالى: (وإن كان كبر عليك إعراضهم...) الآية فيها إلزام الحجة للنبي صلى الله عليه وسلم وتقسيم الأحوال عليه حتى يبين أن لا وجه إلا الصبر، والمعنى: إن كنت تعظم تكذيبهم، وكفرهم على نفسك، وتلتزم الحزن، فإن كنت تقدر على دخول سرب في أعماق الأرض، أو على ارتقاء سلم في السماء، فافعل، أي: ولست بقادر على شئ من هذا، ولا بد لك من التزام الصبر، واحتمال المشقة، (ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين في أن تأسف وتحزن على أمر أراده الله، وأمضاه. وروى الدارقطني في " سننه " / عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا أصاب أحدكم هم أو حزن فليقل سبع مرات: الله الله ربى لا أشرك به شيئا " انتهى من " الكوكب الدري ".
و (تأتيهم بآية) أي: بعلامة.
وقال مكي، والمهدوي: الخطاب بقوله: (فلا تكونن من الجاهلين) للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد أمته، وهذا ضعيف لا يقتضيه اللفظ. قلت وما قاله * ع *: فيه عندي نظر، لأن هذا شأن التأويل إخراج اللفظ عن ظاهره لموجب، على أن أبا محمد مكيا - رحمه الله - نقل هذا القول عن غيره نقلا، ولفظه: (فلا تكونن من الجاهلين) أي: ممن لا يعلم أن الله لو شاء لجمع على الهدى جميع خلقه.
وقيل: معنى الخطاب لأمة النبي صلى الله عليه وسلم، والمعنى: فلا تكونوا من الجاهلين، ومثله في القرآن كثير. انتهى من " الهداية ".
وقوله سبحانه: (إنما يستجيب الذين يسمعون) هذا من النمط المتقدم في التسلية،