تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٤٥٧
من عمله الصالح، ويكثر من تجره الرابح، والمقصر يود أنه لو رد ليستدرك ما فيه فرط، وقد قال عليه السلام: " ما من أحد يموت إلا ندم " قالوا: وما ندامته يا رسول الله؟ قال:
" إن كان محسنا ندم ألا يكون ازداد، وإن كان مسيئا ندم ألا يكون نزع " خرجه الترمذي.
انتهى.
وقوله تعالى: (وهم يحملون) الواو واو الحال، والأوزار جمع وزر بكسر الواو، وهو الثقل من الذنوب، والوزر هنا تجوز وتشبيه بثقل الأحمال. ومن قال: إنه من الوزر، وهو الجبل الذي يلجأ إليه، فهو قول غير بين.
وقال الطبري وغيره: هذا على جهة الحقيقة، ورووا في ذلك خبرا: أن المؤمن يلقاه عمله في أحسن صورة وأفوحها فيسلم عليه ويقول طال ما ركبتك في الدنيا وأجهدتك، فاركبني اليوم. قال: فيحمله تمثال العمل. وإن الكافر يلقاه عمله في أقبح صورة وأنتنها فيشتمه، ويقول: أنا عملك الخبيث طال ما ركبتني في الدنيا بشهواتك فأنا أركبك اليوم، قال: فيحمل تمثال عمله الخبيث وأوزاره على ظهره.
قلت: والأحاديث الصحيحة في معنى ما ذكره الطبري كثيرة كأحاديث مانعي الزكاة، وغيرها.
قال مكي: وروى المقبري عن أبي هريرة في حديث يرفعه، قال: " إذا كان يوم القيامة بعث الله مع كل امرئ مؤمن عمله، وبعث مع الكافر عمله فلا يرى المؤمن شيئا يروعه، ولا شيئا يفزعه ويخافه إلا قال له عمله: أبشر بالذي يسرك فإنك لست بالذي يراد بهذا. ولا يرى الكافر شيئا يفزعه ويروعه عنه ويخافه إلا قال له عمله: أبشر يا عدو الله بالذي يسوءك، فوالله إنك لأنت الذي تراد بهذا ". انتهى.
(وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون (32) قد نعلم
(٤٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة