تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٤٦٥
الدابر: آخر القوم الذي يأتي من خلفهم، وهذه كناية عن استيصال شأفتهم، ومحو آثارهم، كأنهم وردوا العذاب حتى ورد آخرهم الذي دبرهم، وحسن الحمد عقب هذه الآية لجمال الأفعال المتقدمة في أن أرسل - سبحانه - الرسل، ولطف في الأخذ بالبأساء والضراء، ليتضرع إليه، فيرحم، وينعم، وقطع في آخر الأمر دابر الظلمة، وذلك حسن في نفسه، ونعمة على المؤمنين، فحسن الحمد عقب هذه الأفعال، وبحمده سبحانه ينبغي أن يختم كل فعل، وكل مقال، إذ هو المحمود على كل لا رب غيره، ولا خير إلا خيره.
(قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدقون (46) قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون (47) وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (48) والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون (49)) وقوله تعالى: (قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم...) الآية (أخذ) معناه أذهب، والضمير في (به) عائد على المأخوذ، و (يصدفون) معناه: يعرضون، وينفرون، ومنه قول الشاعر: [البسيط] إذا ذكرن حديثا قلن أحسنه * وهن عن كل سوء يتقى صدف وقوله تعالى: قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة...) الآية وعيد وتهديد.
قال * ع *: (أرأيتم) عند سيبويه: تتنزل منزلة " أخبروني "، ولذلك لا تحتاج إلى مفعولين.
وقوله (بغتة): معناه: لم يتقدم عندكم منه علم، و (جهرة)، معناه: تبدو لكم مخايلة ومباديه، ثم يتوالى حتى ينزل.
(٤٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة