تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٤٦٤
(ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون (42) فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون (43) فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون (44) فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين (45)) وقوله سبحانه: (ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم) في الكلام حذف، تقديره: فكذبوا فأخذناهم؟ أي: تابعناهم بالبأساء الآية، والبأساء المصائب في الأموال، والضراء في الأبدان. هذا قول الأكثر.
وقيل: قد يوضع كل واحد بدل الآخر، والتضرع التذلل، والاستكانة، ومعنى الآية توعد الكفار، وضرب المثل لهم، و (لولا) تحضيض، وهي التي تلي الفعل بمعنى:
" هلا " وهذا على جهة المعاتبة لمذنب غائب، وإظهار سوء فعله مع تحسر ما عليه.
قلت: أي: مع تحسر ما، باعتبار حالة البشر.
وقوله سبحانه: (فلما نسوا ما ذكروا به...) الآية عبر عن الترك بالنسيان، و (فتحنا عليهم أبواب كل شئ) أي: من النعم الدنيوية بعد الذي أصابهم من البأساء والضراء، و (فرحوا) معناه: بطروا، / وأعجبوا، وظنوا أن ذلك لا يبيد، وأنه دال على رضا الله عنهم، وهو استدراج من الله تعالى.
وقد روي عن بعض العلماء: رحم الله عبدا تدبر هذه الآية (حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة).
وروي عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيت الله - تعالى - يعطي العباد ما يشاءون على معاصيهم، فذلك استدراج ثم تلا: (فلما نسوا ما ذكروا به...) الآية كلها، و (أخذناهم) في هذا الموضع معناه: استأصلناهم بغتة أي: فجأة، والمبلس الحزين الباهت اليائس من الخير الذي لا يحير جوابا لشدة ما نزل به من سوء الحال.
وقوله تعالى: (فقطع دابر القوم...) الآية.
(٤٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة