تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٤٢٣
وقوله تعالى: (هديا بالغ الكعبة) ذكرت " الكعبة "، لأنها أم الحرم، والحرم كله منحر لهذا الهدي، ولا بد أن يجمع في هذا الهدي بين الحل والحرم حتى يكون بالغ الكعبة، فالهدي لا ينحر إلا في الحرم.
واختلف في الطعام، فقال جماعة: الإطعام والصوم حيث شاء المكفر من البلاد، وقال عطاء بن أبي رباح وغيره: الهدي والإطعام بمكة، والصوم حيث شئت.
وقوله سبحانه: (ليذوق وبال أمره): الذوق هنا مستعار، والوبال: سوء العاقبة، والمرعى الوبيل هو الذي يتأذى به بعد أكله، وعبر ب‍ (أمره) عن جميع حاله، من قتل وتكفير، وحكم عليه، ومضى ماله، أو تعبه بالصوم، واختلف في معنى قوله سبحانه:
(عفا الله عما سلف...) الآية: فقال عطاء بن أبي رباح، وجماعة: معناه: عفا الله عما سلف في جاهليتكم من قتلكم الصيد في الحرمة، ومن عاد الآن في الإسلام، فإن كان مستحلا، فينتقم الله منه في الآخرة، ويكفر في ظاهر الحكم، وإن كان عاصيا، فالنقمة هي في إلزام الكفارة فقط، قالوا: وكلما عاد المحرم، فهو يكفر.
قال * ع *: ويخاف المتورعون أن تبقى النقمة مع التكفير، وهذا هو قول الفقهاء مالك ونظرائه، وأصحابه (رحمهم الله)، وقال ابن عباس وغيره: أما المتعمد، فإنه يكفر أول مرة، وعفا الله عن ذنبه، فإن اجترأ، وعاد ثانيا، فلا يحكم عليه، ويقال له: ينتقم الله منك، كما قال الله تعالى.
وقوله سبحانه: (والله عزيز ذو انتقام): تنبيه على صفتين تقتضيان خوف من له بصيرة، ومن خاف، ازدجر، ومن هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من خاف أدلج، ومن
(٤٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة