تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٤١٢
إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع...) الآية: قال النووي: ينبغي للقارئ أن يكون شأنه الخشوع والتدبر والخضوع، فهذا هو المقصود المطلوب، وبه تنشرح الصدور، وتستنير القلوب، ودلائله أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، وقد بات جماعة من السلف يتلو الواحد منهم آية واحدة، ليلة كاملة، أو معظم ليلة يتدبرها، وصعق جماعات منهم عند سماع القرآن، وقراءته، ومات جماعات منهم، ويستحب البكاء والتباكي لمن لا يقدر على البكاء، فإن البكاء عند القراءة صفة العارفين، وشعار عباد الله الصالحين، قال الله عز وجل: (ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا) [الإسراء: 109] وقد وردت آثار كثيرة في ذلك. انتهى من " الحلية " للنووي.
وذكر ابن عباس وابن جبير ومجاهد، أن هذه الآية نزلت بسبب وفد بعثهم النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليروه ويعرفوا حاله، فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، فبكوا وآمنوا، ورجعوا إلى النجاشي، فآمن، ولم يزل مؤمنا حتى مات، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وروي أن نعش النجاشي كشف للنبي - عليه السلام -، فكان يراه من موضعه بالمدينة، وجاء الخبر بعد مدة أن النجاشي دفن في اليوم الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم عليه، قال أبو صالح: كانوا سبعة وستين رجلا، وقال ابن جبير: كانوا سبعين، عليهم ثياب الصوف، وكلهم صاحب صومعة، اختارهم النجاشي.
وصدر الآية في قرب المودة عام فيهم، ولا يتوجه أن يكون صدر الآية خاصا فيمن آمن، وإنما وقع التخصيص من قوله تعالى: (وإذا سمعوا)، وجاء الضمير عاما، إذ قد تحمد الجماعة بفعل واحد منهم، وفي هذا استدعاء للنصارى، ولطف من الله بهم، ليؤمنوا.
قال * ص *: (مما عرفوا من الحق): " من " الأولى لابتداء الغاية.
قال أبو البقاء: ومعناها: من أجل الذي عرفوا، و " من " الثانية لبيان " ما " الموصولة.
انتهى.
(٤١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة