تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٤١٩
(يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون (90) إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون (91) وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين (92)) وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس...) الآية:
قال * ع *: وفي معنى الأزلام: الزجر بالطير، وأخذ الفأل في الكتب ونحوه مما يصنعه الناس، وأخبر سبحانه أن هذه الأشياء رجس، قال ابن عباس في هذه الآية: رجس:
سخط، وقال ابن زيد: الرجس الشر.
قال * ع *: الرجس: كل مكروه ذميم، وقد يقال للعذاب والرجز: العذاب لا غير، والركس: العذرة لا غير، والرجس يقال للأمرين.
وقوله سبحانه: (فاجتنبوه): أمر باجتنابه، فحرمت الخمر، بظاهر القرآن، ونص الأحاديث، وإجماع الأمة، وأمر الخمر إنما كان بتدريج ونوازل كثيرة، كقصة حمزة، حين جب الأسنمة، وقوله: وهل أنتم إلا عبيد أبي، ثم أعلم سبحانه عباده أن الشيطان إنما يريد أن تقع العداوة بسبب الخمر، وما يعترى عليها بين المؤمنين، وبسبب الميسر، إذ كانوا يتقامرون على الأموال، حتى ربما بقي المقمور فقيرا، فتحدث من ذلك ضغائن وعداوات، فإن لم يصل الأمر إلى حد العداوة، كانت بغضاء، ولا تحسن عاقبة قوم متباغضين، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم /: " ولا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا "، وباجتماع النفوس والكلمة يحمى الدين، ويجاهد العدو، والبغضاء تنقض عرى الدين، وتهدم عماد الحماية، وكذلك أيضا يريد الشيطان أن يصد المؤمنين عن ذكر الله، وعن الصلاة، ويشغلهم عنها باتباع الشهوات، والخمر والميسر والقمار كله من أعظم الآفات في ذلك، وفي قوله سبحانه: (فهل أنتم منتهون): وعيد زائد على معنى: " انتهوا ".
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة