شيئا، فكان ذلك أمانا له، وكذلك إذا انصرفوا، تقلدوا من شجر الحرم، وقوله (ذلك):
إشارة إلى أن جعل الله هذه الأمور قياما.
وقوله سبحانه: (بكل شئ عليم): عام عموما تاما في الجزئيات ودقائق الموجودات، والقول بغير هذا إلحاد في الدين وكفر.
(ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون (99) قل لا يستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون (100)) وقوله سبحانه: (ما على الرسول إلا البلاغ...) الآية: إخبار للمؤمنين مضمنه الوعيد، إن انحرفوا، ولم يمتثلوا ما بلغ الرسول إليهم، (والله يعلم ما تبدون وما تكتمون)، قلت: قال الشيخ أبو مدين (رضي الله عنه): الحق تعالى مطلع على السرائر والظواهر في كل نفس وحال، فأيما قلت رآه مؤثرا له، حفظه من الطوارق والمحن ومضلات الفتن، وقال (رحمه الله): ما عرف الحق من لم يؤثره، وما أطاعه من لم يشكره.
انتهى.
وقوله تعالى: (قل لا يستوي الخبيث والطيب...) الآية: لفظ عام في جميع الأمور، فيتصور في المكاسب، وعدد الناس، والمعارف من العلوم ونحوها، فالخبيث من هذا كله لا يفلح ولا ينجب، ولا تحسن له عاقبة، والطيب وإن قل: نافع جميل العاقبة، وينظر إلى هذه الآية قوله تعالى: (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا) [الأعراف: 58]، والخبث: هو الفساد الباطن في الأشياء حتى يظن بها الصلاح، وهي بخلاف ذلك. وقوله سبحانه: (فاتقوا الله يا أولي الألباب): تنبيه على لزوم الطيب في المعتقد والعمل، وخص أولوا الألباب بالذكر، لأنهم المتقدمون في ميز هذه الأمور، والذين لا ينبغي لهم إهمالها، مع ألبابهم وإدراكهم.
(يا أيها الذين آمنوا لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسئلوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم (101) قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين (102)) وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم...) الآية:
اختلف الرواة في سببها، والظاهر من الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألحت عليه الأعراب والجهال بأنواع من السؤالات، حسبما هو معلوم في الروايات، فزجرهم الله تعالى عن ذلك بهذه الآية، وأشياء: اسم لجمع شئ، قال ابن عباس: معنى الآية: لا تسألوا عن