تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٤٣٠
ضرابه، ودعوه للطواغيت، وأعفوه من الحمل، فلم يحمل شئ عليه، وسموه الحامي.
انتهى.
وقوله سبحانه: (وإذا قيل لهم)، يعني: لهؤلاء الكفار المستنين بهذه الأشياء:
(تعالوا إلى ما أنزل الله)، يعني: القرآن الذي فيه التحريم الصحيح، (قالوا حسبنا)، معناه: كفانا.
(يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون (105)) وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم...) الآية: قال أبو ثعلبة الخشني: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية، فقال: " ائتمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، فإذا رأيت دنيا مؤثرة، وشحا مطاعا، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخويصة نفسك، / وذر عوامهم، فإن وراءكم أياما، أجر العامل فيها كأجر خمسين منكم "، وهذا هو التأويل الذي لا نظر لأحد معه، لأنه مستوف للصلاح صادر عن النبي - عليه السلام -، وجملة ما عليه أهل العلم في هذا أن الأمر بالمعروف متعين، متى رجي القبول، أو رجي رد الظالم، ولو بعنف ما لم يخف الآمر ضررا يلحقه في خاصته، أو فتنة يدخلها على المسلمين، إما بشق عصا، وإما بضرر يلحق طائفة من الناس، فإذا خيف هذا، ف‍ (عليكم أنفسكم): محكم واجب أن يوقف عنده.
وقوله سبحانه: (إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون)، هذا تذكير بالحشر وما بعده، وذلك مسل عن أمور الدنيا، مكروهها ومحبوبها، روي عن بعض الصالحين، أنه قال: ما من يوم إلا ويجيء الشيطان، فيقول: ما تأكل، وما تلبس، وأين تسكن، فأقول له: آكل الموت، وألبس الكفن، وأسكن القبر.
(٤٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة