تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٤١٤
النساء، وأنال الطيب، فمن رغب عن سنتي، فليس مني "، قال الطبري: كان فيما يتلى:
" من رغب عن سنتك، فليس من أمتك، وقد ضل عن سواء السبيل "، والطيبات في هذه الآية: المستلذات، بدليل إضافتها إلى ما أحل الله، وبقرينة ما ذكر من سبب الآية.
وقوله سبحانه: (ولا تعتدوا)، قال عكرمة وغيره: معناه: في تحريم ما أحل الله، وقال الحسن بن أبي الحسن: المعنى: ولا تعتدوا، فتحلوا ما حرم الله، فالنهيان على هذا تضمنا الطرفين، كأنه قال: لا تشددوا، فتحرموا حلالا، ولا تترخصوا، فتحلوا حراما، قلت: وروى مالك في " الموطإ "، عن أبي النضر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما مات عثمان بن مظعون، ومر بجنازته: " ذهبت، ولم تلتبس منها بشئ ".
قال أبو عمر في " التمهيد ": هذا الحديث في " الموطإ " مقطوع، وقد رويناه متصلا مسندا من وجه صالح حسن، ثم أسند أبو عمر عن عائشة، قالت: " لما مات عثمان بن مظعون، كشف النبي صلى الله عليه وسلم الثوب عن وجهه، وقبل بين عينيه، وبكى بكاء طويلا، فلما رفع على السرير، قال: طوبى لك يا عثمان! لم تلبسك الدنيا ولم تلبسها ".
قال أبو عمر: كان عثمان بن مظعون أحد الفضلاء العباد الزاهدين في الدنيا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المتبتلين منهم، وقد كان هو وعلي بن أبي طالب هما أن يترهبا ويتركا النساء، ويقبلا على العبادة، ويحرما طيبات الطعام على أنفسهما، فنزلت: (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم...) الآية. ونقل هذا معمر وغيره عن قتادة. انتهى.
وقوله سبحانه: (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان): معناه: شددتم، وعقد اليمين كعقد الحبل والعهد، قال الحطيئة: [البسط]
(٤١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة