تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٤١٣
قال العراقي: (تفيض)، أي: تسيل منها العبرة، وفي الحديث: " اقرأوا القرآن، وابكوا، فإن لم تبكوا، فتباكوا "، خرجه البزار. انتهى من " الكوكب الدري "، وفيه عن البزار أيضا، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من خرج من عينيه مثل جناح ذباب دموعا من خشية الله، لم يدخل النار حتى يعود اللبن في ضرعه ". انتهى.
وقولهم: (مع الشاهدين)، يعني: نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم، وأمته، قاله ابن عباس وغيره، وقال الطبري: لو قال قائل: معنى ذلك: " مع الشاهدين بتوحيدك من جميع العالم "، لكان صوابا، وهو كلام صحيح، وكأن ابن عباس خصص أمة محمد، لقول الله سبحانه: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا...) [البقرة: 143] الآية، وقولهم: (وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق): توقيف لأنفسهم أو محاجة لمن عارضهم من الكفار، والقوم الصالحون: محمد صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، قاله ابن زيد وغيره من المفسرين، ثم ذكر تعالى ما أثابهم به من النعيم على إيمانهم وإحسانهم، ثم ذكر سبحانه حال الكافرين المكذبين، وأنهم قرناء الجحيم.
(يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (87) وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون (88) لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون (89)) وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم...) الآية: قال ابن عباس وغيره نزلت بسبب جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بلغت منهم المواعظ، وخوف الله تعالى إلى أن حرم بعضهم النساء، وبعضهم النوم بالليل، والطيب، وهم بعضهم بالاختصاء، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " أما أنا فأقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وآتي
(٤١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة