وجمهور العلماء، أن التسمية واجبة، مع الذكر، ساقطة مع النسيان، فمن تركها عامدا، فقد أفسد الذبيحة والصيد، ومن تركها ناسيا، سمى عند الأكل، وكانت الذبيحة جائزة، وفقه الصيد والذبح في معنى التسمية - واحد.
ثم أمر سبحانه بالتقوى على الجملة، والإشارة إلى ما تضمنته هذه الآيات من الأوامر والنواهي، وفي قوله: (إن الله سريع الحساب): وعيد وتحذير.
(اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين (5)) وقوله سبحانه: (اليوم أحل لكم الطيبات): إشارة إلى الزمن والأوان، والخطاب للمؤمنين.
وقوله سبحانه: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم): الطعام في هذه الآية:
الذبائح، كذا قال أهل التفسير.
واختلفوا في لفظة (طعام).
فقال الجمهور: هي الذبيحة كلها، وقالت جماعة: إنما أحل لنا طعامهم من الذبيحة، أي: الحلال لهم منها لا ما لا يحل لهم، كالطريف، والشحوم المحضة.
واختلف في لفظة (أوتوا الكتاب).
فقالت طائفة: إنما أحل لنا ذبائح الصرحاء منهم، لا من كان دخيلا في هذين الدينين، وقال جمهور الأمة، ابن عباس، والحسن، ومالك، وغيرهم: إن ذبيحة كل نصراني حلال، كان من بني تغلب أو غيرهم، وكذلك اليهود، وتأولوا قول الله تعالى:
(ومن يتولهم منكم فإنه منهم) [المائدة: 51].
وقوله سبحانه: (وطعامكم حل لهم): أي: ذبائحكم، فهذه رخصة للمسلمين، لا لأهل الكتاب، لما كان الأمر يقتضي أن شيئا قد تشرعنا فيه بالتذكية ينبغي لنا أن نحميه منهم، رخص الله تعالى لنا في ذلك، دفعا للمشقة بحسب التجاوز.
وقوله سبحانه: (والمحصنات): عطف على الطعام المحلل، ذهب جماعة منهم