تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٣٤٣
وقوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم): تحتمل الإشارة ب‍ " اليوم " ما قد ذكرناه، حكى الطبري، أن النبي - عليه السلام - لم يعش بعد نزول هذه الآية إلا إحدى وثمانين ليلة، والظاهر أنه عاش صلى الله عليه وسلم أكثر بأيام يسيرة، قلت: وفي سماع ابن القاسم، قال مالك:
بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في اليوم الذي توفي فيه، وقف على بابه، فقال: " إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه، ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه، يا فاطمة بنت رسول الله، ويا صفية عمة رسول الله، اعملا لما عند الله، فإني لا أغني عنكما من الله شيئا "، قال ابن رشد: هذا حديث يدل على صحته قول الله عز وجل: (ما فرطنا في الكتاب من شئ) [الأنعام: 38]، وقال تعالى: (تبيانا لكل شئ) [النحل: 89]، فالمعنى في ذلك: أن الله عز وجل نص على بعض الأحكام، وأجمل القول في بعضها، وأحال على الأدلة في سائرها بقوله: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) [النساء: 83] فبين النبي صلى الله عليه وسلم ما أجمله الله في كتابه، كما أمره، حيث يقول: (لتبين للناس ما نزل إليهم) [النحل: 44]، فما أحل صلى الله عليه وسلم، أو حرم، ولم يوجد في القرآن نصا، فهو مما بين من مجمل القرآن، أو علمه بما نصب من الأدلة فيه، فهذا معنى الحديث، والله أعلم، فما ينطق صلى الله عليه وسلم عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى. انتهى من " البيان والتحصيل ".
وفي " الصحيح "، " أن عمر بن الخطاب، قال له يهودي: آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا نزلت، لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، فقال له عمر: أي آية هي؟ فقال: (اليوم أكملت لكم دينكم)، فقال له عمر: قد علمنا ذلك اليوم، نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو واقف بعرفة يوم الجمعة ".
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة