تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٣٤١
ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم (3)) وقوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة والدم...) الآية: تعديد لما يتلى على الأمة مما استثني من بهيمة الأنعام، (والدم): معناه: المسفوح، (ولحم الخنزير): مقتض لشحمه، بإجماع، (وما أهل لغير الله به): قد تقدم، (والمنخنقة): معناه: التي تموت خنقا، (والموقوذة): التي ترمى أو تضرب بعصا، وشبهها، (والمتردية): هي التي تتردى من علو إلى سفل، فتموت، (والنطيحة): فعيلة بمعنى مفعولة، (وما أكل السبع): يريد كل ما افترسه ذو ناب، وأظفار من الحيوان، وكانت العرب تأكل هذه المذكورات، ولم تعتقد ميتة إلا ما مات بالوجع ونحو ذلك.
واختلف العلماء في قوله تعالى: (إلا ما ذكيتم)، فقال ابن عباس، وجمهور العلماء: الاستثناء من هذه المذكورات، فما أدرك منها يطرف بعين أو يحرك ذنبا، وبالجملة /: ما يتحقق أنه لم تفض نفسه، بل له حياة، فإنه يذكى على سنة الذكاة، ويؤكل، وما فاضت نفسه، فهو الميتة، وقال مالك مرة بهذا القول، وقال أيضا، وهو المشهور عنه، وعن أصحابه من أهل المدينة: إن قوله تعالى: (إلا ما ذكيتم): معناه: من هذه المذكورات في وقت تصح فيه ذكاتها، وهو ما لم تنفذ مقاتلها، ويتحقق أنها لا تعيش، ومتى صارت في هذا الحد، فهي في حكم الميتة، فالاستثناء عند مالك متصل، كقول الجمهور، لكنه يخالف في الحال التي يصح فيها ذكاة هذه المذكورات واحتج لمالك، بأن هذه المذكورات لو كانت لا تحرم إلا بموتها، لكان ذكر الميتة أولا يغني عنها، ومن حجة المخالف أن قال: إنما ذكرت بسبب أن العرب كانت تعتقد أن هذه الحوادث كالذكاة، فلو لم يذكر لها غير الميتة، لظنت أنها ميتة الوجع، حسبما كانت عليه، والذكاة في كلام العرب: الذبح.
وقوله سبحانه: (وما ذبح على النصب): عطف على المحرمات المذكورة، والنصب: حجارة تنصب، يذبحون عليها، قال ابن جريج: وليست النصب بأصنام فإن الصنم يصور وينقش، وهذه حجارة تنصب، وكانت العرب تعبدها، قال ابن زيد: ما ذبح على النصب وما أهل لغير الله به: شئ واحد.
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة