لهم على جهة التوبيخ والتقريع (ألم اعهد إليكم) وقفهم على عهده إليهم ومخالفتهم إياه. وعن الضحاك: ' ولكل كافر بيت ' من النار يكون فيه لا يرى ولا يرى فعلى هذا معناه أن بعضهم من بعض '. وعن قتادة: ' اعتزلوا عن كل خير. والعهد الوصية. عهد إليه: إذا وصاه. وعهد الله إليهم: ما ركز فيهم من أدلة العقل، وأنزل إليهم من أدلة السمع. وعبادة الشيطان: طاعته فيما يغويه ويزينه. وقرأ الجمهور (أعهد) بفتح الهمزة والهاء، وقرأ طلحة والهذيل بن شرحبيل الكوفي بكسر الهمزة. قاله صاحب اللوامح: ' وقال لغة تميم وهذا الكسر في النون والتاء أكثر من بين حروف المضارعة. يعني نعهد وتعهد ' وقال ابن خالوية: ' ألم أعهد، يحيى بن وثاب ألم أحد لغة تميم '. وقال ابن عطية: ' وقرأ بن وثاب (ألم أعهد) بكسر الميم والهمزة وفتح الهاء وهي على لغة من كسر أول المضارع سوى الياء. وروي عن ابن وثاب: ' ألم (أعهد) بكسر الهاء. يقال: عهد يعهد '. انتهى. وقوله: ' بكسر الميم والهمزة ' يعني: أن كسر الميم يدل على كسر الهمزة لأن الحركة التي في الميم هي حركة نقل الهمزة المكسورة، وحذفت الهمزة حين نقلت حركتها إلى الساكن قبلها، وهو الميم (اعهد) بالهمزة المقطوعة المكسورة لفظا لأن هذا لا يجوز. وقال الزمخشري: ' وقرئ (اعهد) بكسر الهمزة. وباب فعل كله يجوز في حروف مضارعته الكسر إلا في الياء وأعهد بكسر الهاء. وقد جوز الزجتج ان يكون من باب نعم ينعم وضرب يضرب وأحهد بالحاء وأحد وهي لغة تميم ومنه قولهم: دحا محا ' انتهى. وقوله: ' إلا في الياء '. لغة لبعض كلب: أنهم يكسرون أيضا في لياء يقولون هل يعلم وقوله: دحا محا ' يريدون دعها معها، أدغموا العين في الحاء، والإشارة بهذا إلى ما عهد إليهم من معصية الشيطان وطاعة الرحمن. وقرأ نافع وعاصم (جبلا) بكسر الجيم والباء وتشدديد اللام. وهي قراءة أبي حيوة، وسهيل، وأبي جعفر، وشيبة، وأبي رجاء، والحسن بخلاف عنه، وقرأ العربيان، والهذيل بن شرحبيل، بضم الجيم وإسكان الباء. وباقي السبعة بضمها وتخفيف اللام. والحسن بن أبي إسحاق، والزهري، وابن هرمز، وعبد الله بن عبيد بن عمير، وحفص بن حميد، بضمتين وتشديد اللام. والأشهب العقيلي، واليماني، وحماد بن مسلمة عن عاصم بكسر الجيم وسكون الباء، والأعمش (جبلا) بكسرتين وتخفيف اللام. وقرئ (جبلا) بكسر الجيم، وفتح الباء وتخفيف اللام. جمع جبلة، نحو: ' فطره وفطر فهذه سبع لغات قرىء بها. وقرأ علي بن أبي طالب وبعض الخراسانيين (جبلا) بكسر الجيم بعدها ياء ى خر الحروف. واحد الأجيال. و (الجبل) بالباء بواحدة من أسفل الأمة العظيمة. وقال الضحاك: ' أقله عشرة آلاف '. خاطب تعالى الكفار بما فعل معهم الشيطان، تقريعا لهم. وقرأ الجمهور (أفلم تكونوا) بتاء الخطاب. وطلحة وعيسى بياء الغيبة عائدا على (جبل) ويروى: ' انهم يجحدون ويخاصمون، فيشهد عليهم جيرانهم وعشائرهم، وأهاليهم فيحلفون ما كانوا مشركين، فحينئذ يختم على أفواههم وتكلم أيديهم وأرجلهم '. وفي الحديث. ' يقول العبد يوم القيامة. إني لا أجيز علي شاهد إلا من نفسي، فيختم على فيه، ويقال لأركانه: انطقي فتنطق بأعماله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقال بعدا لكن وسحقا، فعنكن كنت أناضل '. وقرئ (يختم) مبنيا للمفعول (وتتكلم أيديهم) بتاءين وقرئ (ولتكلمنا أيديهم ولتشهد) بلام الأمر والجزم. وعلى أن الله يأمر الأعضاء بالكلام والشهادة. وروى عبد الرحمن بن محمد بن طلحة عن أبيه عن جده طلحة أنه قرأ (ولتكلمنا أيديهم ولتشهد) بلام كي، والنصب على معنى: وكذلك يختم على أفواههم. والظاهر: أن الأعين: هي الأعضاء المبصرة. والمعنى: لأعميناهم فلا يرون كيف يمشون؟ قاله الحسن وقتادة ويؤيده مناسبة المسخ فهم في قبضة القدرة وبروج العذاب إن شاءه الله لهم. وقال ابن عباس: ' أراااد عين البصائر، والمعنى: ولو نشاء لختمت عليهم بالكفر فلا يهتدي منهم أحد أبدا. والطمس: إذهاب الشيء وأثره جملة حتى كأنه لم يوجد فإن أريد بالأعين الحقيقة، فالظاهر: أنه يطمس بمعنى يمسخ حقيقة، ويجوز أن يكون الطمس: يراد به العمى من غير إذهاب العضو وأثره، وقرأ الجمهور (فاستبقوا) فعلا ماضيا، معطوفا على (لطمسنا) وهو على الفرض. و (الصراط) منصوب على
(٣٢٨)