الجمهور (فاكهون) بالألف، والحسن، وأبو جعفر، وقتادة، وأبو حيوة، ومجاهد، وشيبة، وأبو رجاء، ويحيى بن صبيح، ونافع في رواية بغير ألف. وطلحة، والأعمش (فاكهين) بالألف وبالياء نصبا على الحال. و (في شغل) هو الحبر. فبالألف أصحاب فاكهة، كما يقال: لابن، وتامر، وشاحم ولاحم. وبغير ألف معناه: فرحون طربون. مأخوذ من الفكاهة. وهي المزحة، وقرئ (فكهين) بغير ألف وبالياء. وقرئ (فكهون) بضم الكاف يقال: رجل فكه وفكه نحو يدس ويدس، ويجوز في (هم) أن يكون مبتدأ وخبره (في ضلال) و (متكئون) خبر ثان ل (إن) أو يكون تأكيدا للضمير المستكن في شغل المنتقل إليه من العامل فيه. وعلى هذا الوجه والذي قبله يكون الأزواج قد شاركوهم في التفكة، والشغل، والاتكاء على الأرائك، وذلك من جهة المنطوق. وعلى الأول شاركوهم في الظلال والاتكاء على الأرائك من حيث المنطوق وهن قد شاركنهم في التفكة والشغل من حيث المعنى. وقرأ الجمهور (في ظلال)، قال ابن عطية: ' وهو جمع ظل إذا الجنة لا شمس فيها، وإنما هواؤها سجسج، كوقت الأسفار قبل طلوع الشمس '. انتهى، وجمع فعل على فعال في الكثرة نحو ذئب وذئاب. وأما أن وقت الجنة كوقت الإسفار قبل طلوع الشمس، فيحتاج هذا إلى نقل صحيح، وكيف يكون ذلك وفي الحديث ما يدل على حوراء من حور الجنة لو ظهرت لأضاءت منها الدنيا، أو نحو من هذا. قال: ' ويحتمل أن يكون جمع ظلة ' قال أبو علي ' كبرمة وبرام '، وقال منذر بن سعيد: ' جمع ظلة بكسر الظاء '، قال ابن عطية: ' وهي لغة في ظلة '. انتهى. فيكون مثل لقحة ولقاح، وفعال لا ينقاس في فعلة بل يحفظ. وقرأ عبد الله، والسلمي، وطلحة وحمزة، والكسائي (في ظل) جمع ظلة وجمع فعلة على فعل مقيس. وهي عبارة عن الملابس، والمراتب من الحجال، والستور، ونحوها من الأشياء التي تظل. وقرأ عبد الله (متكئين) نصب على الحال و (يدعون) مضارع ادعى، وهو افتعل من دعا، ومعناه: ولهم ما يتمنون. وقال أبو عبيدة: ' العرب تقول ادع على ما شئت بمعنى تمن علي. وتقول فلان في خير ما تمنى، قال الزجاج: ' وهو من الدعاء، أي: ما يدعونه أهل الجنة يأتيهم، وقيل: ' يدعون به لأنفسهم '. وقيل: ' يتداعونه لقوله ارتموه وتراموه. وقرأ الجمهور (سلام) بالرفع، قيل: وهو صفة ل (ما) أي: مسلم لهم وخالص ' انتهى. ولا يصح إن كان (ما) بمعنى الذي لأنها تكون إذ ذاك معرفة، و (سلام) نكرة ولا تنعت المعرفة بالنكرة، فإن كانت (ما) نكرة موصوفة جاز إلا أنه لا يكون فيه عموم كحالها بمعنى الذي. وقيل: (سلام) مبتدأ ويكون خبره ذلك الفعل الناصب لقوله (قولا) أي: سلام يقال قولا (من رب رحيم) أو يكون (عليكم) محذوفا. أي: سلام عليكم قولا من رب رحيم، وقيل: خبر مبتدأ محذوف، أي: هو سلام، وقال الزمخشري: ' (سلام قولا) بدل من (ما يدعون) كأنه قال لهم سلام، يقال لهم قولا من جهة رب رحيم. والمعنى: أن الله يسلم عليهم بواسطة الملائكة أو بغير واسطة، مبالغة في تعظيمهم. وذلك متمناهم (ولهم) ذلك لا يمنعونه. قال ابن عباس: ' والملائكة يدخلون عليهم بالتحية من رب العالمين '. انتهى. وإذا كان (سلام) بدلا من (ما يدعون) كان (ما يدعون) خصوصا، والظاهر: أنه عموم في كل ما يدعون، وإذا كان عموما لم يكن (سلام) بدلا منه. وقيل (سلام) خبر (ما يدعون) و (ما يدعون) مبتدأ. أي: ولهم ما يدعون. سلام خالص لا شرب فيه. و (قولا) مصدر مؤكد كقوله (ولهم ما يدعون سلام) أي: عدة من (رحيم)، قال الزمخشري: ' والأوجه أن ينتصب على الاختصاص وهو من مجازه '. انتهى ويكون (لهم) متعلقا على هذا الإعراب ب (سلام)، وقرأ محمد بن كعب القرظي (سلم) بكسر السين وسكون اللام ومعناه سلام وقال أبو فضل الرازي: ' مسالم لهم. أي: ذلك مسالم '، وقرأ أبي، وعبد الله، وعيسى والقنوي، (سلاما) بالنصب على المصدر. وقال الزمخشري: ' نصب على الحال. أي: لهم مرادهم خالصا. (وامتازوا اليوم) أي: انفردوا عن المؤمنين لأن المحشر جنع البر والفاجر، فأمر المجرمون بأن يكونوا على حدة من المؤمنين. والظاهر: أن ثم قولا محذوفا. لما ذكر تعالى ما يقال للمؤمنين في قوله (سلام قولا من رب رحيم) قيل: ويقال للمجرمين امتازوا. ولما امتثلوا ما أمروا به، قال
(٣٢٧)