الذي أصله تطير، فأدغمت التاء في الطاء فاجتلبت همزة الوصل في الماضي والمصدر. وقرأ الجمهور (طائركم) على وزن فاعل وقرأ الجمهور (ا ~ ن ذكرتم) بهمزتين، الأولى: همزة الاستفهام. والثالنية: همزة إن الشرطية، فخففها الكوفيين وابن عامر. وسهلها باقي السبعة. وقرا زر بهمزتين مفتوحتين، وهي قراءة أبو جعفر وطلحة إلا أنها لبناء الثانية بين بين. وقال الشاعر في تحقيقها:
* أإن كنت داود بن أحوى مرحلا * فلست بداع لأبن عمك محرما * والماجشوني: وهو أبو سلمة يوسف بن يعقوب بن عبد الله بن أبي سلمة المدني بهمزة واحدة مفتوحة. والحسن بهاء مكسورة. وأبو عمرو في رواية وزر أيضا بمدة قبل الهمزة المفتوحة. واستقل اجتماعهما ففصل بينهما بألف. وقرأ أبو جعفر أيضا والحسن أيضا وقتادة وعيسى الهمداني والأعمش (أين) بهمزة مفتوحة وياء ساكنة وفتح النون ظرف مكان. وروي هذا عن عيسى الثقفي أيضا. فالقراءة الأولى على معنى إن ذكرتم تتطيرون بجعل المحذوف مصب الاستفاهم على مذهب سيبوبة. ويجعله للشرط على مذهب يونس. فإن قدرته مضارعا كان مجزوما. والقراءة الثانية على معنى: ألأن ذكرتم تطيرتم فإن مفعول من أجله وكذلك الهمزة الواحدة المفتوحة، والتي بمدة قبل الهمزة المفتوحة. وقراءة الهمزة المكسورة وحدها فحرف شرط بمعنى الإخبار. أي: إن ذكرتم تطيرتم. والقراءة الثانية الأخيرة (أين) فيها ظرف، أداة الشرط حذف جزاؤه للدلالة عليه. وتقديره: أين ذكرتم صحبكم طائركم. ويدل عليه قوله (طائركم معكم) ومن جوز تقديم الجزاء على الشرط وهم الكوفيون وأبو زيد والمبرد يجوز أن يكون الجواب (طائركم معكم) وكان أصله: أين ذكرتم فطائركم معكم. فلما قدم حذفت الفاء. وقرأ الجمهور (ذكرتم) بتشديد الكاف. وأبو جعفر وخالد بن الياس وطلحة وحسن وقتادة وأبو حيوة والعمش من طريق زائدة والأصمعي عن نافع بتخفيفها (بل أنتم قوم مسرفون) مجاوزون الحد في ضلالكم فمن ثم أتاكم الشؤم: (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى) اسمه: حبيب، قاله ابن عباس، وأبو مجلز، وكعب الأحبار، ومجاهد، ومقاتل، قيل: وهو ابن إسرائيل وكان قصارا. وقيل: كان ينحت الأصنام. ويمكن أن يكون جامعا لهذه الصنائع و (من أقصى المدينة) أي: من أبعد مواضعها، فقيل: كان في خارج المدينة يعاني زرعا له. وقيل: كان في غار يعبد ربه وقيل: كان مجذوما فميز له أقصى باب من أبوابها عبد الأصنام سبعين سنة يدعوهم لكشف ضرة فلما دعاه الرسل إلى عبادة الله قال هل من آية؟ قالوا نعم: ندعوا ربنا القادر يفرج عنك ما بك فقال: إن هذا لعجيب لي سبعون سنة أدعو هذه الآلهة فلم تستطع يفرجه ربكم في غداة واحدة. قالوا: نعم، وربنا على ما يشاء قدير وهذه لا تنفع شيء ولا تضر فآمن، ودعوا ربهم فكشف الله ما به كأن لم يكن به بأس، فأقبل على التكسب فإذا مشى تصدق بكسبه، نصف لعياله، ونصف يطعمه. فلما هم قومه بقتل الرسل جاءهم فقال (يا قوم اتبعوا المرسلين) وحبيب هذا ممن آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهما ستمائة سنة كما آمن به تبع الأكبر، وورقة بن نوفل، وغيرهما. ولم يؤمن بني غيره أحد إلا بعد ظهوره. وقال ابن أبي ليلى ' سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا قط طرفة عين علي بن أبي طالب، وصاحب يس ومؤمن آلا فرعون '. وأورد الزمخشري قول ابن أبي ليلى حديثا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقدم قبل من حاله أنه كان مجذوما عبد الصنام سبعين فالله أعلم '. وهنا تقدم (من أقصى المدينة) وفي القصص تأخر وهو من التفنن في البلاغة (رجل يسعى) يمشي على قدميه (قال يا قوم اتبعوا المرسلين) الظاهر أنه لا يقول ذلك إلا بعد تقدم إيمانه كما سبق في قصة. وقيل: جاء عيسى وسمع قولهم وفهمه فيما فهمه. روي: ' أنه تعقب أمرهم وسبره بان قال لهم: أتطلبون أجرا على دعوتكم؟ قالوا: لا فدعا عند ذلك قومه إلى اتباعهم والإيمان بهم