الأمهات والأخوات وسائر القربات، ومن يتصل بهن من المتطرفات لهن. وقال ابن زيد وغيره: أراد جميع النساء المؤمنات، وتخصيص الإضافة إنما هي في الإيمان. وقال مجاهد: من أهل دينهن، وهو كقول ابن زيد. والظاهر من قوله: * (أما * ملكت أيمانهن) *، دخول العبيد والإماء دون ما ملك غيرهن. وقيل: مخصوص بالإماء، وقيل: جميع العبيد ممن في ملكهن أو ملك غيرهن. وقال النخعي: يباح لعبدها النظر إلى ما يواريه الدرع من ظاهر بدنها، وإذا كان للعبد المكاتب ما يؤدي، فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم) بضرب الحجاب دونه، وفعلته أم سلمة مع مكاتبها نبهان.
* (واتقين الله) *: أمر بالتقوى وخروج من الغيبة إلى الخطاب، أي واتقين الله فيما أمرتن به من الاحتجاب، وأنزل الله فيه الوحي من الاستتار، وكأن في الكلام جملة حذفت تقديره: اقتصرن على هذا، واتقين الله فيه أن تتعدينه إلى غيره. ثم توعد بقوله: * (إن الله كان على كل شىء شهيدا) *، من السر والعلن، وظاهر الحجاب وباطنه، وغير ذلك. * (شهيدا) *: لا تتفاوت الأحوال في علمه. وقرأ الجمهور: * (وملئكته) * نصبا؛ وابن عباس، وعبد الوارث عن أبي عمرو: رفعا. فعند الكوفيين غير الفراء هو عطف على موضع اسم إن، والفراء يشترط خفاء إعراب اسم إن. وعند البصريين هو على حذف الخبر، أي يصلي على النبي، وملائكته يصلون، وتقدم الكلام على كيفية اجتماع الصلاتين في قوله: * (هو الذى يصلى عليكم وملئكته) *. فالضمير في * (يصلون) * عائد على * (الله وملائكته) *، وقيل: في الكلام حذف، أي يصلي وملائكته يصلون، فرارا من اشتراك الضمير، والظاهر وجوب الصلاة والسلام عليه، وقيل: سنة. إذا كانت الصلاة واجبة فقيل: كلما جرى ذكره قيل في كل مجلس مرة. وقد ورد في الحديث في الصلاة عليه، فضائل كثيرة.
وروي أنه لما نزلت هذه الآية قال قوم من الصحابة: السلام عليك يا رسول الله عرفناه، فكيف نصلي عليك قال: (قولوا اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وارحم محمدا وآل محمد، كما رحمت وباركت على إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد). وفي بعض الروايات زيادة ونقص. * (إن الذين يؤذون الله ورسوله) *، قال ابن عباس: نزلت في الذين طعنوا عليه حين اتخذ صفية بنت حيي زوجا. انتهى. والطعن في تأمير أسامة بن زيد: أن إيذاءه عليه السلام، وإيذاء الله والرسول فعل ما نهى الله ورسوله عنه من الكفر والمعاصي، وإنكار النبوة ومخالفة الشرع، وما يصيبون به الرسول من أنواع الأذى. ولا يتصور الأذى حقيقة في حق الله، فقيل: هو على حذف مضاف، أي يؤذون أولياء الله، وقيل: المراد يؤذون رسول الله، وقيل: في أذى الله، هو قول اليهود والنصارى والمشركين: * (يد الله مغلولة) *، و * (ثالث ثلاثة) *، و * (المسيح ابن الله) *، و * (الملائكة * بنات * الله) *، و * (الاصنام) *. وعن عكرمة: فعل أصحاب التصاوير الذين يزورون خلقا مثل خلق الله، وقيل: في أذى رسول الله قولهم: ساحر شاعر كاهن مجنون، وقيل: كسر رباعيته وشج وجهه يوم أحد.
وأطلق إيذاء الله ورسوله على إيذاء المؤمنين بقوله: * (والمؤمنات بغير ما اكتسبوا) *، لأن إيذاءهما لا يكون إلا بغير حق، بخلاف إيذاء المؤمن، فقد يكون بحق. ومعنى * (بغير ما اكتسبوا) *: بغير جناية واستحقاق أذى. وقال مقاتل: نزلت في ناس من المنافقين يؤذون عليا، كرم الله وجهه، ويسمعونه؛ وقيل: في الذين أفكوا على عائشة. وقال الضحاك، والسدي، والكلبي: في زناة كانوا يتبعون النساء وهن كارهات؛ وقيل: في عمر، رأى من الريبة على جارية من جواري الأنصار ما كره، فضربها، فأذوى أهل عمر باللسان، فنزلت. قال ابن عباس: وروي أن عمر قال يوما لأبي: قرأت البارحة * (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات) * ففزعت منها، وإني لأضربهم وأنهرهم، فقال له: لست منهم، إنما أنت معلم ومقوم.
* (مبينا يأيها النبى قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذالك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا (سقط: لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون)) *