تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٧ - الصفحة ١٥٠
يلزم منه أن كل معروف يأمر به. والظاهر أن * (أكبر) * أفعل تفضيل. فقال عبد الله، وسلمان، وأبو الدرداء، وابن عباس، وأبو قرة: معناه ولذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه. وقال قتادة، وابن زيد: أكبر من كل شيء؛ وقيل: ولذكر الله في الصلاة أكبر منه خارج الصلاة، أي أكبر ثوابا؛ وقيل: أكبر من سائر أركان الصلاة؛ وقيل: ولذكر الله نهيه أكبر من نهي الصلاة؛ وقيل: أكبر من كل العبادة. وقال ابن عطية: وعندي أن المعنى: ولذكر الله أكبر على الإطلاق، أي هو الذي ينهى عن الفحشاء والمنكر، والجزء الذي منه في الصلاة ينهى، كما ينهى في غير الصلاة، لأن الانتهاء لا يكون إلا من ذاكر الله مراقبه، وثواب ذلك الذاكر أن يذكره الله في ملأ خير من ملئه، والحركات التي في الصلاة لا تأثيرلها في النهي، والذكر النافع هو مع العلم وإقبال القلب وتفرغه إلا من الله. وأما ما لا يجاوز اللسان ففي رتبة أخرى. وقال الزمخشري: يريد والصلاة أكبر من غيرها من الطاعات، وسماها بذكر الله، كما قال: * (فاسعوا إلى ذكر الله) *، وإنما قال: * (ولذكر الله) *، لتستقل بالتعليل، كأنه قال: والصلاة أكبر، لأنها ذكر الله مما تصنعون من الخير والشر فيجازيكم، وفيه وعيد وحث على المراقبة.
* (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا ءامنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم) *.
و * (أهل الكتاب) *: اليهود والنصارى. * (إلا بالتى هى أحسن) *: من الملاطفة في الدعاء إلى الله والتنبيه على آياته. * (إلا الذين ظلموا) *: ممن لم يؤد جزية ونصب الحرب، وصرح بأن لله ولدا أو شريكا، أو يده مغلولة؛ فالآية منسوخة في مهادنة من لم يحارب، قاله مجاهد ومؤمنو أهل الكتاب. * (إلا بالتى هى أحسن) *: أي بالموافقة فيما حدثوكم به من أحبار أوائلهم. * (إلا الذين ظلموا) *: من بقي منهم على كفره، وعد لقريظة والنضير، قاله ابن زيد، والآية على هذا محكمة. وقيل: إلا الذين آذوا رسول
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»