تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٦ - الصفحة ٧٢
مكرما أي إكراما. وقرأ قتادة وأبو حيوة وحميد وإبراهيم بن أبي عبلة بفتحهما. وقال صاحب اللوامح: وهما مصدران من دخل وخرج لكنه جاء من معنى * (أدخلنى) * * (وأخرجنى) * المتقدمين دون لفظهما ومثلهما * (أنبتكم من الارض نباتا) * ويجوز أن يكونا اسم المكان وانتصابهما على الظرف، وقال غيره: منصوبان مصدرين على تقدير فعل أي * (أدخلنى) * فأدخل * (مدخل صدق) * * (وأخرجنى) * فأخرج * (مخرج صدق) *.
والسلطان هنا قال الحسن: التسليط على الكافرين بالسيف، وعلى المنافقين بإقامة الحدود. وقال قتادة: ملكا عزيزا تنصرني به على كل من ناواني. وقال مجاهد: حجة بينة. وقيل: كتابا يحوي الحدود والأحكام. وقيل: فتح مكة. وقيل: في كل عصر * (سلطانا) * ينصرك دينك و * (نصيرا) * مبالغة في ناصر. وقيل: فعيل بمعنى مفعول، أي منصورا، وهذه الأقوال كلها محتملة لقوله * (سلطانا نصيرا) * وروي أنه تعالى وعده ذلك وأنجزه له في حياته وتممه بعد وفاته. قال قتادة: و * (الحق) * القرآن و * (الباطل) * الشيطان. وقال ابن جريج: الجهاد و * (الباطل) * الشرك. وقيل: الإيمان والكفر. وقال مقاتل: جاءت عبادة الله وذهبت عبادة الشيطان، وهذه الآية نزلت بمكة ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم) كان يستشهد بها يوم فتح مكة وقت طعنه الأصنام وسقوطها لطعنه إياها بمخصرة حسبما ذكر في السير. و * (زهوقا) * صفة مبالغة في اضمحلاله وعلم ثبوته في وقت ما.
و * (من) * في * (من ثلثى) * لابتداء الغاية. وقيل للتبعيض قاله الحوفي: وأنكر ذلك لاستلزامه أن بعضه لا شفاء فيه ورد هذا الإنكار لأن إنزاله إنما هو مبعض. وقيل: لبيان الجنس قاله الزمخشري وابن عطية وأبو البقاء، وقد ذكرنا أن من التي لبيان الجنس لا تتقدم على المبهم الذي تبينه وإنما تكون متأخرة عنه. وقرأ الجمهور: و * (ننزل) * بالنون ومجاهد بالياء خفيفة ورواها المروزي عن حفص. وقرأ زيد بن علي: * (شفاء ورحمة) * بنصبهما ويتخرج النصب على الحال وخبر هو قوله * (للمؤمنين) * والعامل فيه ما في الجار والمجرور من الفعل، ونظيره قراءة من قرأ * (والسماوات مطويات بيمينه) * بنصب مطويات. وقول الشاعر:
* رهط ابن كوز محقي أدراعهم * فيهم ورهط ربيعة بن حذار * وتقديم الحال على العامل فيه من الظرف أو المجرور لا يجوز إلا عند الأخفش، ومن منع جعله منصوبا على إضمار أعني وشفاؤه كونه مزيلا للريب كاشفا عن غطاء القلب بفهم المعجزات والأمور الدالة على الله المقررة لدينه، فصار لعلات القلوب كالشفاء لعلات الأجسام. وقيل: شفاء بالرقى والعوذ كما جاء في حديث الذي رقي بالفاتحة من لسعة العقرب. واختلفوا في النشرة وهو أن يكتب شيء من أسماء الله تعالى أو من القرآن ثم يغسل بالماء ثم يمسح به المريض أو يسقاه، فأجاز ذلك ابن المسيب ولم يره مجاهد. وعن عائشة: كانت تقرأ بالمعوذتين في إناء ثم تأمر أن يصب على المريض. وقال أبو عبد الله المازني: النشرة أمر معروف عند أهل التعزيم، سميت بذلك لأنها تنشر عن صاحبهما أي تحل، ومنعها الحسن والنخعي. وروي أبو داود من حديث جابر أن الرسول صلى الله عليه وسلم) قال وقد سئل عن النشرة: (هي من عمل الشيطان). ويحمل ذلك على ما إذا كانت خارجة عما في كتاب الله وسنة الرسول، والنشرة من جنس الطب في غسالة شيء له فضل.
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»