تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٦ - الصفحة ٣١٥
بالفاء الثاء للحجاز والفاء لتميم وهي بدل من الثاء كما أبدلوا الثاء منها قالوا وأصله مغفور.
وقرأ الجمهور * (ينسلون) * بكسر السين وابن أبي إسحاق وأبو السمال بضمها * (واقترب الوعد الحق) * أي الوعد بالبعث الحق الذي لا شك فيه * (واقترب) * قيل: أبلغ في القرب من قرب وضمير * (هى) * للقصة كأنه قيل: فإذا القصة والحادثة * (أبصار الذين كفروا) * * (شاخصة) * ويلزم أن تكون * (شاخصة) * الخبر و * (أبصار) * مبتدأ، ولا يجوز ارتفاع أبصار شاخصة لأنه يلزم أن تكون بعد ضمير الشأن، أو القصة جملة تفسر الضمير مصرح بجزأيها، ويجوز ذلك على مذهب الكوفيين. وقال الزمخشري: * (هى) * ضمير مبهم توضحه الأبصار وتفسره كما فسر الذين ظلموا وأسروا انتهى. ولم يذكر غير هذا الوجه وهو قول للفراء. قال الفراء: * (هى) * ضمير الأبصار تقدمت لدلالة الكلام ومجئ ما يفسرها وأنشد على ذلك قول الشاعر:
* فلا وأبيها لا تقول خليلتي * إلا قر عني مالك بن أبي كعب * وذكر أيضا الفراء أن * (هى) * عماد يصلح في موضعها هو وأنشد:
* يثوب ودينار وشاة ودرهم * فهل هو مرفوع بما ههنا رأس * وهذا لا يتمشى إلا على أحد قولي الكسائي في إجازته تقديم الفصل مع الخبر على المبتدأ أجاز هو القائم زيد على أن زيد هو المبتدأ والقائم خبره، وهو عماد وأصل المسألة زيد هو القائم، ويقول: أصله هذه فإذا * (أبصار الذين كفروا) * هي * (شاخصة) * فشاخصة خبر عن * (أبصار) * وتقدم مع العماد، ويجيء على مذهب من يجيز العماد قبل خبره نكرة، وذكر الثعلبي وجها آخر وهو أن الكلام ثم عند قوله: * (فإذا هى) * أي بارزة واقعة يعني الساعة، ثم ابتدأ فقال * (شاخصة أبصار الذين كفروا) * وهذا وجه متكلف متنافر التركيب. وروى حذيفة لو أن رجلا اقتنى فلو أبعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة يعني في مجيء الساعة إثر خروجهم.
* (* يا ويلنا) * معمول لقول محذوف. قال الزمخشري: تقديره يقولون وهو في موضع الحال من الذين كفروا وتقدم قول الزجاج أن هذا القول جواب * (من قبلكم إذا) * والشخوص إحداد النظر دون أن يطرف في غفلة من هذا انتهى. أي مما وجدنا الآن وتبينا من الحقائق ثم أضربوا عن قولهم * (قد كنا فى غفلة) * وأخبروا بما قد كانوا تعمدوه من الكفر والإعراض عن الإيمان فقالوا * (بل كنا ظالمين) * والخطاب بقوله * (إنكم وما تعبدون من دون الله) * للكفار المعاصرين رسول الله صلى الله عليه وسلم)، ولا سيما أهل مكة ومعبوداتهم هي الأصنام.
وقرأ الجمهور * (حصب) * بالحاء والصاد المهملتين، وهو ما يحصب به أي يرمى به في نار جهنم. وقبل أن يرمي به لا يطلق عليه حصب إلا مجازا. وقرأ ابن السميفع وابن أبي عبلة ومحبوب وأبو حاتم عن ابن كثير بإسكان الصاد، ورويت عن ابن عباس وهو مصدر يراد به المفعول أي المحصوب. وقرأ ابن عباس: بالضاد المعجمة المفتوحة وعنه إسكانها، وبذلك قرأ كثير عزة: والحضب ما يرمى به في النار، والمحضب العود أو الحديدة أو غيرهما مما تحرك به النار. قال الشاعر:
* فلا تك في حربنا محضبا * فتجعل قومك شتى شعوبا *
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»