والألف. وعن الحسن أيضا * (سكارى) * بسكر وقال أو لا ترونها على خطاب الجمع جعلوا جميعا رائيين لها. ثم قال * (وترى) * على خطاب الواحد لأن الرؤية معلقة بكون الناس على حال السكر، فجعل كل واحد رائيا لسائرهم غشيهم من خوف عذاب الله ما أذهب عقولهم وردهم في حال من يذهب السكر عقله وتمييزه، وجاء هذا الاستدراك بالإخبار عن * (عذاب الله) * أنه * (شديد) * لما تقدم ما هو بالنسبة إلى العذاب كالحالة اللينة وهو الذهول والوضع ورؤية الناس أشباه السكارى، وكأنه قيل: وهذه أحوال هينة * (ولاكن عذاب الله شديد) * وليس بهين ولا لين لأن لكن لا بد أن تقع بين متنافيين بوجه ما وتقدم الكلام فيها.
* (ومن الناس من يجادل فى الله) * أي في قدرته وصفاته. قيل: نزلت في أبي جهل. وقيل: في أبي بن خلف والنضر بن الحارث. وقيل: في النضر وكان جدلا يقول الملائكة بنات الله والقرآن أساطير الأولين، ولا يقدر الله على إحياء من بلي وصار ترابا والآية في كل من تعاطى الجدال فيما يجوز على الله وما لا يجوز من الصفات والأفعال، ولا يرفع إلى علم ولا برهان ولا نصفة. والظاهر أن قوله * (كل شيطان مريد) * هو من الجن كقوله * (وإن يدعون إلا شيطانا مريدا) *. وقيل: يحتمل أن يكون من الإنس كقوله * (شياطين الإنس والجن) *.
لما ذكر تعالى أهوال يوم القيامة ذكر من غفل عن الجزاء في ذلك اليوم وكذب به. وقرأ زيد بن علي * (ويتبع) * خفيفا، والظاهر أن الضمير في * (عليه) * عائد على * (من) * لأنه المحدث عنه، وفي * (أنه) * و * (تولاه) * وفي * (فإنه) * عائد عليه أيضا، والفاعل يتولى ضمير * (من) * وكذلك الهاء في * (يضله) * ويجوز أن تكون الهاء في هذا الوجه أنه ضمير الشأن، والمعنى أن هذا المجادل لكثرة جداله بالباطل واتباعه الشيطان صار إماما في الضلال لمن يتولاه، فشأنه أن يضل من يتولاه. وقيل: الضمير في * (عليه) * عائد على * (كل شيطان مريد) * قاله قتادة ولم يذكر الزمخشري غيره، وأورد ابن عطية القول الأول احتمالا. وقال ابن عطية: ويظهر لي أن الضمير في * (أنه) * الأولى للشيطان والثانية لمن الذي هو للمتولي. قال الزمخشري: والكتبة عليه مثل أي إنما * (كتاب) * إضلال من يتولاه * (عليه) * ورقم به لظهور ذلك في حاله.
وقرأ الجمهور * (كتاب) * مبنيا للمفعول. وقرئ * (كتاب) * مبنيا للفاعل أي كتب الله. وقرأ الجمهور: * (أنه) * بفتح الهمزة في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله، * (فإنه) * بفتحها أيضا، والفاء جواب * (من) * الشرطية أو الداخلة في خبر * (من) * إن كانت موصولة. و * (فإنه) * على تقدير فشأنه أنه * (يضله) * أي إضلاله أو فله أن يضله.
وقال الزمخشري: فمن فتح فلأن الأول فاعل * (كتاب) * بعني به مفعولا لم يسم فاعله، قال: والثاني عطف عليه انتهى. وهذا لا يجوز لأنك إذا جعلت * (فإنه) * عطفا على * (أنه) * بقيت بلا استيفاء خبر لأن * (من تولاه) * من، فيه مبتدأة، فإن قدرتها موصولة فلا خبر لها حتى يستقل خبرا لأنه وإن جعلتها شرطية فلا جواب لها إذ جعلت * (فإنه) * عطفا على * (أنه) * ومثل قول الزمخشري قال ابن عطية قال * (وأنه) * في موضع رفع على المفعول الذي لم يسم فاعله، وأنه الثانية عطف على الأولى مؤكدة مثلها، وخطا خطأ لما بيناه. وقرأ الأعمش والجعفي عن أبي عمر و * (أنه) * * (فإنه) * بكسر الهمزتين. وقال ابن عطية: وقرأ أبو عمرو * (أنه من تولاه فأنه يضله) * بالكسر فيهما انتهى، وليس مشهورا عن أبي عمرو. والظاهر أن ذلك من إسناد * (كتاب) * إلى الجملة إسنادا لفظيا أي * (كتاب) * عليه هذا الكلام كما تقول: كتب إن الله يأمر بالعدل. وقال الزمخشري: أو عن تقدير قبل أو على المفعول الذي لم يسم فاعله الكتب، والجملة من * (أنه من تولاه) * في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله لقيل المقدرة،