الزمخشري: * (علما) * ذا رشد أرشد به في ديني، قال: فإن قلت: أما دلت حاجته إلى التعلم من آخر في عهده أنه كما قيل موسى بن ميشا لا موسى بن عمران لأن النبي يجب أن يكون أعلم أهل زمانه وإمامهم المرجوع إليه في أبواب الدين؟ قلت: لا غضاضة بالنبي في أخذ العلم من نبي قبله، وإنما يغض منه أن يأخذ ممن دونه.
وعن سعيد بن جبير أنه قال لابن عباس: إن نوفا ابن امرأة كعب يزعم أن الخضر ليس بصاحب موسى، وأن موسى هو موسى بن ميشا فقال: كذب عدو الله انتهى.
وقرأ الحسن والزهري وأبو بحرية وابن محيصن وابن مناذر ويعقوب وأبو عبيد واليزيدي * (رشدا) * بفتحتين وهي قراءة أبي عمرو من السبعة. وقرأ باقي السبعة بضم الراء وإسكان الشين، ونفي الخضر استطاعة الصبر معه على سبيل التأكيد كأنها مما لا يصح ولا يستقيم، وعلل ذلك بأنه يتولى أمورا هي في ظاهرها ينكرها الرجل الصالح فكيف النبي فلا يتمالك أن يشمئز لذلك، ويبادر بالإنكار * (وكيف تصبر) * أي إن صبرك على ما لا خبرة لك به مستبعد، وفيه إبداء عذر له حيث لا يمكنه الصبر لما يرى من منافاة ما هو عليه من شريعته. وانتصب * (خبرا) * على التمييز أي مما لم يحط به خبرك فهو منقول من الفاعل أو على أنه مصدر على غير الصدر لأن معنى * (بما لم تحط به) * لم تخبره. وقرأ الحسن وابن هرمز * (خبرا) * بضم الباء.
* (قال ستجدنى إن شاء الله صابرا) * وعده بوجدانه * (صابرا) * وقرن ذلك بمشيئة الله علما منه بشدة الأمر وصعوبته، إذ لا يصبر إلا على ما ينافي ما هو عليه إذ رآه * (ولا أعصى) * يحتمل أن يكون معطوفا على * (صابرا) * أي * (صابرا) * وغير عاص فيكون في موضع نصب عطف الفعل على الاسم إذا كان في معناه كقوله * (صافات ويقبضن) * أي وقابضات، ويجوز أن يكون معطوفا على * (ستجدنى) * فلا محل له من الإعراب ولا يكون مقيدا بالمشيئة لفظا.
وقال القشيري: وعد موسى من نفسه بشيئين: بالصبر وقرنه بالاستثناء بالمشيئة فصبر حين وجد على يدي الخضر فيما كان منه من الفعل، وبأن لا يعصيه فأطلق ولم يقرنه بالاستثناء فعصاه حيث قال له * (فلا تسألنى) * فكان يسأله فما قرن بالاستثناء لم يخالف فيه وما أطلقه وقع فيه الخف انتهى. وهذا منه على تقدير أن يكون * (ولا أعصى) * معطوفا ا على * (ستجدنى) * فلم يندرج تحت المشيئة.
* (قال فإن اتبعتنى) * أي إذا رأيت مني شيئا خفي عليك وجه صحته فأنكرت في نفسك فلا تفاتحني بالسؤال حتى أكون أنا الفاتح عليك، وهذا من أدب المتعلم مع العالم المتبوع. وقرأنا نافع وابن عامر * (فلا تسألنى) * وعن أبي جعفر بفتح السين واللام من غير همز مشددة النون وباقي السبعة بالهمز وسكون اللام وتخفيف النون. قال أبو علي. كلهم بياء في الحالين انتهى. وعن ابن عامر في حذف الياء خلاف غريب.
* (فانطلقا حتى إذا ركبا فى السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا * قال ألم أقل إنك لن تستطيع معى صبرا * قال لا تؤاخذنى بما نسيت ولا ترهقنى من أمرى عسرا * فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا * قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معى صبرا * قال إن سألتك عن شىء بعدها فلا تصاحبنى قد بلغت من لدنى عذرا * فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا * قال هاذا فراق بينى وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا) *.
* (فانطلقا) * أي موسى والخضر وكان معهم يوشع ولم يضمر لأنه في حكم التبع. وقيل: كان موسى قد صرفه ورده إلى بني إسرائيل. والألف واللام في * (السفينة) * لتعريف الجنس إذ لم يتقدم عهد في سفينة مخصوصة. وروي في كيفية ركوبهما السفينة وخرقها وسدها أقوال، والمعتمد ما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما قالا: (فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت سفينة فلكموهم أن يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم، فقال له موسى: قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها * (لتغرق أهلها) * إلى قوله