موسى لما رأى من الحرمان ومساس الحاجة أن * (قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا) * وطلبت على عملك جعلا حتى تنتعش به وتستدفع الضرورة انتهى. قال ابن عطية: وقوله * (لو شئت لاتخذت عليه أجرا) * وإن لم يكن سؤالا ففي ضمنه الإنكار لفعله، والقول بتصويب أخذ الأجر وفي ذلك تخطئة ترك الأجر انتهى. وقرأ عبد الله والحسن وقتادة وابن بحرية ولتخذت بتاء مفتوحة وخاء مكسورة، يقال تخذ واتخذ نحو تبع واتبع، افتعل من تخذ وأدغم التاء في التاء. قال الشاعر:
* وقد تخذت رجلي إلى جنب غرزها * نسيفا كأفحوص القطاة المطرق والتاء أصل عند البصريين وليس من الأخذ، وزعم بعضهم أن الاتخاذ افتعال من الأخذ وأنهم ظنوا التاء أصلية فقالوا في الثلاثي تخذ كما قالوا تقي من اتقى. والظاهر أن هذا إشارة إلى قوله * (لو شئت) * أي هذا الإعراض سبب الفراق * (بينى وبينك) * على حسب ما سبق من ميعاده. أنه قال * (إن سألتك) * وهذه الجملة وإن لم تكن سؤالا فإنها تتضمنه، إذ المعنى ألم تكن تتخذ عليه أجرا لاحتياجنا إليه.
* وقال الزمخشري: قد تصور فراق بينهما عند حلول ميعاده على ما قال موسى عليه السلام * (إن سألتك عن شىء بعدها فلا تصاحبنى) * فأشار إليه وجعله مبتدأ وأخبر عنه كما تقول: هذا أخوك فلا يكون هذا إشارة إلى غير الأخ انتهى. وفيما قاله نظر.
وقرأ ابن أبي عبلة * (فراق بينى) * بالتنوين والجمهور على الإضافة. والبين قال ابن عطية: الصلاح الذي يكون بين المصطحبين ونحوهما، وذلك مستعار فيه من الظرفية ومستعمل استعمال الأسماء، وتكريره * (بينى وبينك) * وعدوله عن بيننا لمعنى التأكيد. * (سأنبئك) * أي سأخبرك * (بتأويل) * ما رأيت من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار، أي بما آل إليه الأمر فيما كان ظاهره أن لا يكون. وقرأ ابن وثاب سأنبيك بإخلاص الياء من غير همز. وعن ابن عباس: كان قول موسى في السفينة وفي الغلام لله، وكان قوله في الجدار لنفسه لطلب شيء من الدنيا فكان سبب الفراق. وقال أرباب المعاني: هذه الأمثلة التي وقعت لموسى مع الخضر حجة على موسى وإعجاله، وذلك أنه لما أنكر خرق السفينة نودي: يا موسي أين كان تدبيرك هذا وأنت في التابوت مطروحا في اليم؟ فلما أنكر قتل الغلام قيل له: أين إنكار هذا من وكز القبطي وقضائك عليه؟ فلما أنكر إقامة الجدار نودي أين هذا من رفعك الحجر لبنات شعيب دون أجرة؟ * (سأنبئك) * في معاني هذا معك ولا أفارقك حتى أوضح لك ما استبهم عليك.
2 (* (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون فى البحر فأردت أن أعيبها وكان ورآءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا * وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينآ أن يرهقهما طغيانا وكفرا * فأردنآ أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكواة وأقرب رحما * وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين فى المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغآ أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمرى ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا) *)) 2 * (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون فى البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا * وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا * فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكواة وأقرب رحما * وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين فى المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما) *.