تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٤٣٢
ومختبط مما تطيح الطوائح أي: المطاوح جمع مطيحة. الصلصال: قال أبو عبيدة الطين إذا خلط بالرمل وجف، وقال أبو الهيثم: الصلصال صوت اللجام وما أشبهه، وهو مثل القعقعة في الثوب. وقيل: التراب المدقق، وصلصل الرمل صوت، وصلصال بمعنى مصلصل كالقضقاض أي المقضقض، وهو فيه كثير، ويكون هذا النوع من المضعف مصدرا فتقول: زلزل زلزالا بالفتح، وزلزالا بالكسر، ووزنه عند البصريين فعلال، وهكذا جميع المضاعف حروفه كلها أصول لا قعقع، خلافا للفراء وكثير من النحويين. ولا فعفل خلافا لبعض البصريين وبعض الكوفيين، ولا أن أصله فعل بتشديد العين أبدل من الثاني حرف من جنس الحرف الأول خلافا لبعض الكوفيين. وينبني على هذه الأقوال: ورب صلصال. الحمأ: طين اسود منتن، واحدة حمأة بتحريك الميم قاله الليث ووهم في ذلك، وقالوا: لا نعرف في كلام العرب الحمأة إلا ساكنة الميم، قاله أبو عبيدة والأكثرون، كما قال أبو الأسود:
* يجئك بملئها طورا وطورا * يجيء بحماة وقليل ماء * وعلى هذا لا يكون حمأ بينه وبين مفرده تاء التأنيث لاختلاف الوزن. السموم: إفراط الحر، يدخل في المسام حتى يقتل من نار أو شمس أو ريح. وقيل: السموم بالليل، والحر بالنهار.
* (الر تلك ءايات الكتاب وقرءان مبين * ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين * ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الامل فسوف يعلمون * ومآ أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم * ما تسبق من أمة أجلها وما يستخرون) *: هذه السورة مكية بلا خلاف، ومناسبتها لما قبلها: أنه تعالى لما ذكر في آخر السورة قبلها أشياء من أحوال القيامة من تبديل السماوات والأرض، وأحوال الكفار في ذلك اليوم، وأن ما أتى به هو على حسب التبليغ والإنذار، ابتدأ في هذه السورة بذكر القرآن الذي هو بلاغ للناس، وأحوال الكفرة، وودادتهم لو كانوا مسلمين. قال مجاهد وقتادة: الكتاب هنا ما نزل من الكتب قبل القرآن، فعلى قولهما تكون تلك إشارة إلى آيات الكتاب. قال ابن عطية: ويحتمل أن يراد بالكتاب القرآن، فعلى قولهما تكون تلك إشارة إلى آيات الكتاب. قال ابن عطية: ويحتمل أن يراد بالكتاب القرآن، وعطفت الصفة عليه، ولم يذكر الزمخشري إلا أن تلك الإشارة لما تضمنته السورة من الآيات قال: والكتاب والقرآن المبين السورة، وتنكير القرآن للتفخيم، والمعنى: تلك آيات الكتاب الكامل في كونه كتابا، وآي قرآن مبين كأنه قيل: والكتاب الجامع للكمال والغرابة في الشأن، والظاهر أن ما في ربما مهيئة، وذلك أنها من حيث هي حرف جر لا يليها إلا الأسماء، فجيء بما مهيئة لمجيء الفعل بعدها. وجوزوا في ما أن تكون نكرة موصوفة، ورب جازة لها، والعائد من جملة الصفة محذوف تقديره: رب شيء يوده الذين كفروا. ولو كانوا مسلمين بدل من ما على أن لو مصدرية. وعلى القول الأول تكون في موضع نصب على المفعول ليود، ومن لا يرى أن لو تأتي مصدرية جعل مفعول يود محذوفا. ولو في لو كانوا مسلمين حرف لما كان سيقع لوقوع غيره، وجواب لو محذوف أي: ربما يود الذين كفروا الإسلام لو كانوا مسلمين لسروا بذلك وخلصوا من العذاب، ولما كانت رب عند الأكثرين لا تدخل على مستقبل تأولوا يود في معنى
(٤٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 ... » »»