تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٤١٩
يصف الإبل بالإقناع عند رعيها أعالي الشجر، ويقال: أقنع رأسه نكسه وطأطأه، فهو من الأضداد. قال المبرد: وكونه بمعنى رفع أعرف في اللغة انتهى. وقيل: منه قنع الرجل إذا رضي، كأنه رفع رأسه عن السؤال. وفم مقنع معطوفة أسنانه إليه داخلا، ورجل مقنع بالتشديد عليه بيضة الرأس معروف، ويجمع في القلة على أرؤس. الطرف: العين. وقال الشاعر:
* وأغض طرفي ما بدت لي جارتي * حتى يواري جارتي مأواها * ويقال: طرف الرجل طبق جفنه على الآخر، وسمي الجفن طرفا لأنه يكون فيه ذلك. الهواء: ما بين السماء والأرض، وهو الخلاء الذي لم تشغله الأجرام الكثيفة، واستعير للجبان فقيل: قلب فلان هواء. وقال الشاعر:
* كأن الرجل منها فوق صعل * من الظلمات جؤجؤه هواء * المقرن: المشدود في القرن، وهو الحبل. الصفد: الغل، والقيد يقال: صفده صفدا قيده، والاسم الصفد، وفي التكثير صفده مشددا. قال الشاعر:
وأبقى بالملوك مصفدينا وأصفدته: أعطيته. وقيل: صفد وأصفد معا في القيد والإعطاء. قال الشاعر:
فلم أعرض أبيت اللعن بالصفد أي: بالعطاء. وسمي العطاء صفدا لأنه يقيده ويعبد. السربال: القميص، يقال: سربلته فتسربل. القطران: ما يحلب من شجر الابهل فيطبخ، وتهنأ به الإبل الجربى، فيحرق الجرب بحره وحدته، وهو أقبل الأشياء اشتعالا، ويقال فيه قطران بوزن سكران، وقطران بوزن سرحان.
* (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هاذا البلد امنا وبنى أن نعبد الاصنام * رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعنى فإنه منى ومن عصانى فإنك غفور رحيم) *: مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه تعالى لما ذكر التعجيب من الذين بدلوا نعمة الله كفرا، وجعلوا لله أندادا وهم قريش ومن تابعهم من العرب الذين اتخذوا آلهة من دون الله، وكان من نعم الله عليهم إسكانه إياهم حرمه، أردف ذلك بذكر أصلهم إبراهيم، وأنه صلوات الله عليه دعا الله تعالى أن يجعل مكة آمنة، ودعا بأن يجنب بنيه عبادة الأصنام، وأنه أسكنه وذريته في بيته ليعبدوه وحده بالعبادة التي هي أشرف العبادة وهي الصلاة، لينظروا في دين أبيهم، وأنه مخالف لما ارتكبوه من عبادة الأصنام، فيزدجروا ويرجعوا عنها. وتقدم الكلام على قوله هنا هذا البلد معرفا، وفي البقرة منكرا.
وقال الزمخشري: هنا سأل في الأول أن
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»