أفصح من زيدا ضربته، فلذلك كان ارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف في قراءة ابن أبي عبلة راجحا، وعلى تأويل الاشتغال يكون يصلونها لا موضع له من الإعراب، وعلى التأويل الأول جوزوا أن يكون حالا من جهنم، أو حالا من دار البوار، أو حالا من قومهم، والمخصوص بالذم محذوف تقديره: وبئس القرار هي أي: جهنم. وجعلوا لله أندادا أي زادوا إلى كفرهم نعمته أن صيروا له أندادا وهي الأصنام التي اتخذوا آلهة من دون الله.
وقرأ ابن كثير وأبو عمر: وليضلوا هذا، و * (ليضل) * في الحج ولقمان والروم بفتح الياء، وباقي السبعة بضمها. والظاهر أن اللام لام الصيرورة والمآل. لما كانت نتيجة جعل الأنداد آلهة الضلال أو الإضلال، جرى مجرى لام العلة في قولك: جئتك لتكرمني، على طريقة التشبيه. وقيل: قراءة الفتح لا تحتمل أن تكون اللام لام العاقبة، وأما بالضم فتحتمل العاقبة. والعلة والأمر بالتمتع أمر تهديد ووعيد على حد قوله: * (اعملوا ما شئتم) * قال الزمخشري: تمتعوا إيذان بأنهم لانغماسهم في التمتع بالحاضر، وأنهم لا يعرفون غيره ولا يريدونه، مأمورون به، قد أمرهم آمر مطاع لا يسعهم أن يخالفوه، ولا يملكوه لأنفسهم أمرا دونه، وهو آمر الشهوة والمعنى: إن دمتم على ما أنتم عليه من الامتثال لأمر الشهوة فإن مصيركم إلى النار. ويجوز أن يراد الخذلان والتخلية ونحوه: * (قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار) * انتهى ومصيركم مصدر صار التامة بمعنى رجع. وخبر إن هو قوله: إلى النار، ولا يقال هنا صار بمعنى انتقل، ولذلك تعدى بإلى أي: فإن انتقالكم إلى النار، لأنه تبقى إن بلا خبر، ولا ينبغي أن يدعي حذفه، فيكون التقدير: فإن مصيركم إلى النار واقع لا محالة أو كائن، لأن حذف الخبر في مثل هذا التركيب قليل، وأكثر ما يحذف إذا كان اسم إن نكرة، والخبر جار ومجرور. وقد أجاز الحوفي: أن يكون إلى النار متعلقا بمصيركم، فعلى هذا يكون الخبر محذوفا.
* (قل لعبادى الذين ءامنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتى يوم لا بيع فيه) *: لما ذكر تعالى حال الكفار وكفرهم نعمته، وجعلهم له أندادا، وتهددهم أمر المؤمنين بلزوم الطاعة والتيقظ لأنفسهم، وإلزام عمودي الإسلام الصلاة والزكاة قبل مجيء يوم القيامة. ومعمول قل، محذوف تقديره: أقيموا الصلاة يقيموا. ويقيموا مجزوم على جواب الأمر، وهذا قول: الأخفش، والمازني. ورد بأنه لا يلزم من القول إن يقيموا، ورد هذا الرد بأنه أمر المؤمنين بالإقامة لا الكافرين، والمؤمنون متى أمرهم الرسول بشيء فعلوه لا محالة. قال ابن عطية: ويحتمل أن يكون يقيموا جواب الأمر الذي يعطينا معناه قوله: قل وذلك أن تجعل قل في هذه الآية بمعنى بلغ وأد الشريعة يقيموا الصلاة انتهى. وهذا قريب مما قبله، إلا أن في ما قبله معمول القول: أقيموا، وفي هذه الشريعة على تقدير بلغ الشريعة. وذهب الكسائي والزجاج وجماعة إلى أن معمول قل هو قوله: يقيموا، وهو أمر مجزوم بلام الأمر محذوفة على حد قول الشاعر:
محمد تفد نفسك كل نفس