سلب الميم حركتها، وإدغام النون في النون. وقرأ أبي، والحسن، وطلحة بن مصرف، والأعمش: لا تأمننا بالإظهار، وضم النون على الأصل، وخط المصحف بنون واحدة. وقرأ ابن وثاب، وأبو رزين: لا يتمنا على لغة تميم، وسهل الهمزة بعد الكسرة ابن وثاب. وفي لفظه: أرسله، دليل على أنه كان يمسكه ويصحبه دائما. وانتصب غدا على الظرف، وهو ظرف مستقبل يطلق على اليوم الذي يلي يومك، وعلى الزمن المستقبل من غير تقييد باليوم الذي يلي يومك. وأصله: غدو، فحذفت لامه وقد جاء تاما. وقرأ الجمهور: يرتع ويلعب بالياء والجزم، والإبنان وأبو عمر وبالنون والجزم وكسر العين الحرميان، واختلف عن قنبل في إثبات الياء وحذفها. وروي عن ابن كثي: ويلعب بالياء، وهي قراءة جعفر بن محمد. وقرأ العلاء بن سيابة: يرتع بالياء وكسر العين مجزوما محذوف اللام، ويلعب بالياء وضم الباء خبر مبتدأ محذوف أي: وهو يلعب. وقرأ مجاهد، وقتادة، وابن محيصن: بنون مضمومة من ارتعنا ونلعب بالنون، وكذلك أبو رجاء، إلا أنه بالياء فيهما يرتع ويلعب، والقراءتان على حذف المفعول أي: يرتع المواشي أو غيرها. وقرأ النخعي: نرتع بنون، ويلعب بياء، بإسناد اللعب إلى يوسف وحده لصباه، وجاء كذلك عن أبي إسحاق، ويعقوب. ولك هذه القراءات الفعلان فيها مبنيان للفاعل. وقرأ زيد بن علي: يرتع ويلعب بضم الياءين مبنيا للمفعول، ويخرجها على أنه أضمر المفعول الذي لم يسم فاعله وهو ضمير غد، وكان أصله يرتع فيه ويلعب فيه، ثم حذف واتسع، فعدى الفعل للضمير، فكان التقدير: يرتعه ويلعبه، ثم بناه للمفعول فاستكن الضمير الذي كان منصوبا لكونه ناب عن الفاعل. واللعب هنا هو الاستباق والانتضال، فيدربون بذلك لقتال العدو، سموه لعبا لأنه بصورة اللعب، ولم يكن ذلك للهو بدليل قولهم: إننا ذهبنا نستبق، ولو كان لعب لهو ما أقرهم عليه يعقوب. ومن كسر العين من يرتع فهو يفتعل. قال مجاهد: هي من المراعاة أي: يراعي بعضنا بعضا ويحرسه. وقال ابن زيد: من رعى الإبل أي يتدرب في الرعي، وحفظ المال، أو من رعى النبات والكلأ، أي: يرتفع على حذف مضاف أي: مواشينا. ومن أثبت الياء. فقال ابن عطية: هي قراءة ضعيفة لا تجوز إلا في الشعر كقول الشاعر:
* ألم يأتيك والأنباء تنمي * بما لاقت لبون بني زياد * انتهى. وقيل: تقدير حذف الحركة في الياء لغة، فعلى هذا لا يكون ضرورة. ومن قرأ بسكون العين فالمعنى: نقم في خصب وسعة، ويعنون من الأكل والشرب. وإنا له لحافظون جملة حالية، والعامل فيه الأمر أو الجواب، ولا يكون ذلك من باب الإعمال، لأن الحال لا تضمر، وبأن الإعمال لا بد فيه من الإضمار إذا أعمل الأول، ثم اعتذر لهم يعقوب بشيئين: أحدهما: عاجل في الحال، وهو ما يلحقه من الحزن لمفارقته وكان لا يصبر عنه. والثاني: خوفه عليه من الذئب إن غفلوا عنه برعيهم ولعبهم، أو بقلة اهتمامهم بحفظه وعنايتهم، فيأكله ويحزن عليه الحزن المؤبد. وخص الذئب لأنه كان السبع الغالب على قطره، أو لصغر يوسف فخاف عليه هذا السبع الحقير، وكان تنبيها على خوفه عليه ما هو أعظم افتراسا. ولحقارة الذئب خصه الربيع بن ضبع الفزاري في كونه يخشاه لما بلغ من السن في قوله:
* والذئب أخشاه إن مررت به * وحدي وأخشى الرياح والمطرا * وكان يعقوب بقوله: وأخاف أن يأكله الذئب لقنهم ما يقولون من العذر إذا جاؤوا وليس معهم يوسف، فلقنوا ذلك