تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٨٤
الأربعين، وعن قتادة: ما فوق العشرة إلى الأربعين، وعن مجاهد: من عشرة إلى خمسة عشر، وعن مقاتل: عشرة، وعن ابن جبير: ستة أو سبعة، وقيل: ما بين الواحد إلى العشرة، وقيل: إلى خمسة عشر، وعن الفراء: عشرة فما زاد، وعن ابن زيد، والزجاج، وابن قتيبة: العصبة ثلاثة نفر، فإذا زادوا فهم رهط إلى التسعة، فإذا زادوا فهم عصبة، ولا يقال لأقل من عشرة عصبة. والضلال هنا هو الهوى قاله ابن عباس، أو الخطأ من الرأي قاله ابن زيد، أو الجور في الفعل قاله ابن كامل، أو الغلط في أمر الدنيا. روي أنه بعد إخباره لأبيه بالرؤيا كان يضمه كل ساعة إلى صدره، وكأن قلبه أيقن بالفراق فلا يكاد يصبر عنه، والظاهر أن اقتلوا يوسف من جملة قولهم، وقيل: هو من قول قوم استشارهم أخوة يوسف فيما يفعل به فقالوا ذلك. والظاهر أن اطرحوه هو من قولهم أن يفعلوا به أحد الأمرين، ويجوز أن تكون أو للتنويع أي: قال بعض: اقتلوا يوسف، وبعض اطرحوه، وانتصب أرضا على إسقاط حرف الجر قاله الحوفي وابن عطية، أي: في أرض بعيدة من الأرض التي هو فيها، قريب من أرض يعقوب. وقيل: مفعول ثان على تضمين اطرحوه معنى أنزلوه، كما تقول: أنزلت زيدا الدار. وقالت فرقة: ظرف، واختاره الزمخشري، وتبعه أبو البقاء. قال الزمخشري: أرضا منكورة مجهولة بعيدة من العمران، وهو معنى تنكيرها وإخلائها من الناس، ولا يهامها من هذا الوجه نصبت نصب الظروف المبهمة. وقال ابن عطية: وذلك خطأ بمعنى كونها منصوبة على الظرف قال: لأن الظرف ينبغي أن يكون مبهما، وهذه ليست كذلك، بل هي أرض مقيدة بأنها بعيدة أو قاصية ونحو ذلك، فزال بذلك إبهامها. ومعلوم أن يوسف لم يخل من الكون في أرض فتبين أنهم أرادوا أرضا بعيدة غير التي هو فيها قريب من أبيه انتهى. وهذا الرد صحيح، لو قلت: جلست دارا بعيدة، أو قعدت مكانا بعيد لم يصح إلا بوساطة في، ولا يجوز حذفها إلا في ضرورة شعر، أو مع دخلت على الخلاف في دخلت أهي لازمة أو متعدية. والوجه هنا قيل: الذات، أي يخل لكم أبوكم. وقيل: هو استعارة عن شغله بهم، وصرف مودته إليهم، لأن من أقبل عليك صرف وجهه إليك وهذا كقول نعامة حين أحبته أمه لما قتل أخوته وكانت قبل لا تحبه. قال: الثكل أرامها أي: عطفها، والضمير في بعده عائد على يوسف، أو قتله، أو طرحه. وصلاحهم إما صلاح حالهم عند أبيهم وهو قول مقاتل، أو صلاحهم بالتوبة والتنصل من هذا الفعل وهذا أظهر، وهو قول الجمهور منهم الكلبي. واحتمل تكونوا أن. يكون مجزوما عطفا على مجزوم، أو منصوبا على إضمار أن. والقائل: لا تقتلوا يوسف، روبيل قاله قتادة وابن إسحاق، أو شمعون قاله مجاهد، أو يهوذا وكان أحلمهم وأحسنهم فيه رأيا وهو الذي قال: فلن أبرح الأرض قال لهم: القتل عظيم، قاله السدي، أوذان: أربعة أقوال، وهذا عطف منهم على أخيه. لما أراد الله من إنفاذ قضائه وإبقاء على نفسه، وسبب لنجاتهم من الوقوع في هذه الكبيرة وهو إتلاف النفس بالقتل. قال الهروي: الغيابة في الجب شبه لحف، أو طاق في البئر فويق الماء يغيب ما فيه عن العيون. وقال الكلبي: الغيابة كمون في قعر الجب، لأن أسفله واسع ورأيه ضيق، فلا يكاد الناظر يرى ما في جوانبه. وقال الزمخشري: غوره وهو ما غاب منه عن عين الناظر وأظلم من أسفله انتهى. منه قيل للقبر: غيابة، قال المنحل السعدي:
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»