إلى مفعول، ولا تقع جملة الشرط موقعه.
وتقدم الكلام في قوله: * (بياتا) * في الأعراف مدلولا وإعرابا. والمعنى إن أتاكم عذابه وأنتم ساهون غافلون، مما بنوم وإما باشتغال بالمعاش والكسب، وهو نظير قوله: * (بغتة) * لأن العذاب إذا فاجأ من غير شعور به كان أشد وأصعب، بخلاف أن يكون قد استعد له وتهيىء لحلوله، وهذا كقوله تعالى: بياتا وهم نائمون ضحى وهم يلعبون. ويجوز في ماذا أن يكون ما مبتدأ وذا خبره، وهو بمعنى الذي، ويستعجل صلته، وحذف الضمير العائد على الموصول التقدير أي: شيء يستعجله من العذاب المجرمون. ويجوز في ماذا أن يكون كله مفعولا كأنه قيل: أي شيء يستعجله من العذاب المجرمون. وقد جوز بعضهم أن يكون ماذا كله مبتدأ، وخبره الجملة بعده. وضعفه أبو علي لخلو الجملة من ضمير يعود على المبتدأ. والظاهر عود الضمير في منه على العذاب، وبه يحصل الربط لجملة الاستفهام بمفعول أرأيتم المحذوف الذي هو مبتدأ في الأصل. وقيل: يعود على الله تعالى. والمجرمون هم المخاطبون في قوله: أرأيتم إن أتاكم. ونبه على الوصف الموجب لترك الاستعجال وهو الإجرام، لأن من حق المجرم أن يخاف التعذيب على إجرامه، ويهلك فزعا من مجيئه وإن أبطأ، فكيف يستعجله؟ وثم حرف عطف وتقدمت همزة الاستفهام عليها كما تقدمت على الواو والفاء في: * (أفلم يسيروا) * وفي * (أو لم * يسيروا) * وتقدم الكلام على ذلك. وخلاف الزمخشري للجماعا في دعواه أن بين الهمزة وحرف العطف جملة محذوفة عطفت عليها الجملة التي بعد حرف العطف. وقال الطبري في قوله: أثم بضم الثاء، أن معناه أهنالك قال: وليست ثم هذه التي تأتي بمعنى العطف انتهى. وما قاله الطبري من أن ثم هنا ليست للعطف دعوى، وأما قوله: إن المعنى أهنالك، فالذي يبنغي أن يكون ذلك تفسير معنى، لا أن ثم المضمومة الثاء معناها معنى هنالك.
وقرأ طلحة بن مصرف: أثم بفتح الثاء، وهذا يناسبه تفسير الطبري أهنالك. وقرأ الجمهور آلآن على الاستفهام بالمد، وكذا آلآن وقد عصيت. وقرأ طلحة والأعرج: بهمزة الاستفهام بغير مد، وهو على إضمار القول أي: قيل لهم إذا آمنوا بعد وقوع العذاب آلآن آمنتم به، فالناصب لقوله: الآن هو آمنتم به، وهو محذوف. قيل: تقول لهم ذلك الملائكة. وقيل: الله، والاستفهام على طريق التوبيخ. وفي كتاب اللوامح عيسى البصري وطلحة: آمنتم به الآن بوصل الهمزة من غير استفهام، بل على الخبر، فيكون نصبه على الظرف من آمنتم به المذكور. وأما في العامة فنصبه بفعل مضمر يدل عليه آمنتم به المذكور، لأن الاستفهام قد أخذ صدر الكلام، فيمنع ما قبله أن يعمل فيما بعده انتهى. وقد كنتم جملة حالية. قال الزمخشري: وقد كنتم به تستعجلون يعني تكذبون، لأن استعجالكم كان على جهة التكذيب والإنكار. وقال ابن عطية: تستعجلون مكذبين به.
* (ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون) *: أي تقول لهم خزنة جهنم هذا الكلام. والظلم ظلم الكفر لا ظلم المعصية، لأن من دخل النار من عصاة المؤمنين لا يخلد فيها. وثم قيل عطف على المضمر قبل الآن. ومن قرأ بوصل ألف الآن فهو استئناف إخبار عما يقال لهم يوم القيامة، وهل تجزون توبيخ لهم وتوضيح أن الجزاء هو على كسب العبد.
* (ويستنبئونك أحق هو قل إى وربى إنه لحق وما أنتم بمعجزين) *: أي يستخبرونك. وأحق هو الضمير عائد على العذاب. وقيل: على الشرع والقرآن. وقيل:
على الوعيد، وقيل: على أمر الساعة، والجملة في موضع نصب فقال الزمخشري: بيقولون أحق هو فجعل يستنبئونك تتعدى إلى واحد. وقال ابن عطية: معناه يستخبرونك، وهي على هذا تتعدى إلى مفعولين: أحدهما الكاف، والآخر في الابتداء، والخبر فعلى ما قال: يكون يستنبئونك معلقة. وأصل استنبأ أن يتعدى إلى مفعولين: أحدهما بعن، تقول: استنبأت زيدا عن عمرو أي طلبت منه أن ينبئني عن عمرو، والظاهر أنها معلقة