أجل إلى آخر الآية في الأعراف. وقرأ ابن سيرين: آجالهم على الجمع. وإلا ما شاء الله ظاهره أنه استثناء متصل، إلا ما شاء الله أن أملكه وأقدر عليه. وقال الزمخشري: هو استثناء منقطع أي: ولكن ما شاء الله من ذلك كائن، فكيف أملك لكم الضرر وجلب العذاب. ولكل أمة أجل أي: إن عذابكم له أجل مضروب عند الله.
* (قل أرءيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون * أثم إذا ما وقع ءامنتم به ءآلن وقد كنتم به تستعجلون) *: تقدم الكلام في أرأيتم في سورة الأنعام وقررنا هناك أن العرب تضمن أرأيت معنى أخبرني، وأنها تتعدى إذ ذاك إلى مفعولين، وأن المفعول الثاني أكثر ما يكون جملة استفهام ينعقد منها ما قبلها مبتدأ وخبر كقول العرب: أرأيت زيدا ما صنع؟ المعنى: أخبرني عن زيد ما صنع. وقبل دخول أرأيت كان الكلام: زيد ما صنع؟ وإذا تقرر هذا فأرأيتم هنا المفعول الأول لها محذوف، والمسألة من باب الإعمال تنازع. أرأيت وإن أتاكم على قوله: عذابه، فأعمل الثاني إذ هو المختار على مذهب البصريين، وهو الذي ورد به السماع أكثر من إعمال الأول. فلما أعمل الثاني حذف من الأول ولم يضمر، لأن إضماره مختص بالشعر، أو قليل في الكلام على اختلاف النحويين في ذلك. والمعنى: قل لهم يا محمد أخبروني عن عذاب الله إن أتاكم أي شيء تستعجلون منه، وليس شيء من العذاب يستعجله عاقل، إذ العذاب كله مر المذاق موجب لنفار الطبع منه، فتكون جملة الاستفهام جاءت على سبيل التلطف بهم، والتنبيه لهم أن العذاب لا ينبغي أن يستعجل. ويجوز أن تكون الجملة جاءت على سبيل التعجب والتهويل للعذاب أي: أي شيء شديد تستعجلون منه، أي: ما أشد وأهول ما تستعجلون من العذاب. وقال الحوفي: الرؤية من رؤية القلب التي بمعنى العلم، لأنها داخلة على الجملة من الاستفهام ومعناها التقرير. وجواب الشرط محذوف، وتقدير الكلام: أرأيتم ما تستعجل من العذاب المجرمون إن أتاكم عذابه انتهى. فظاهر كلام الحوفي: أن أرأيتم باقية على موضوعها الأول لم تضمن معنى أخبروني، وأنها بمعنى أعلمتم، وأن جملة الاستفهام سدت مسد المفعولين، وأنه استفهام معناه التقرير، ولم يبين الحوفي ما يفيد جواب الشرط المحذوف.
وقال الزمخشري: (فإن قلت): بم يتعلق الاستفهام؟ وأين جواب الشرط؟ (قلت): تعلق بأريأتم، لأن المعنى أخبروني ماذا يستعجل منه المجرمون، وجواب الشرط محذوف: وهو تندموا على الاستعجال وتعرفوا الخطأ فيه انتهى. وما قدره الزمخشري غير سائغ، لأنه لا يقدر الجواب إلا مما تقدمه لفظا أو تقديرا تقول: أنت ظالم إن فعلت، فالتقدير إن فعلت فأنت ظالم. وكذلك وإنا إن شاء الله لمهتدون التقدير: إن شاء الله نهتد. فالذي يسوغ أن يقدر إن أتاكم عذابه فأخبروني ماذا يستعجل.
وقال الزمخشري: ويجوز أن يكون ماذا يستعجل منه المجرمون اعتراضا والمعنى: إن أتاكم عذابه أأمنتم به بعد وقوعه حين لا ينفعكم الإيمان؟ انتهى. أما تجويزه أن يكون ماذا جوابا للشرط فلا يصح، لأن جواب الشرط إذا كان استفهاما فلا بد فيه من الفاء، تقول: إن زارنا فلان فأي رجل هو، وإن زارنا فلان فأي يدله بذلك، ولا يجوز حذفها إلا إن كان في ضرورة، والمثال الذي ذكره وهو: إن أتيتك ماذا تطعمني؟ هو من تمثيله، لا من كلام العرب. وأما قوله: ثم تتعلق الجملة بأرأيتم، إن عني بالجملة ماذا يستعجل فلا يصح ذلك لأنه قد جعلها جوابا للشرط، وإن عني بالجملة جملة الشرط فقد فسر هو أرأيتم بمعنى أخبرني، وأخبرني تطلب متعلقا مفعولا، ولا تقع جملة الشرط موقع مفعول أخبرني. وأما تجويزه أن يكون أثم إذا ما وقع آمنتم به جواب الشرط، وماذا يستعجل منه المجرمون اعتراضا فلا يصح أيضا، لما ذكرناه من أن جملة الاستفهام لا تقع جوابا للشرط إلا ومعها فاء الجواب. وأيضا فثم هنا وهي حرف عطف، تعطف الجملة التي بعدها على ما قبلها، فالجملة الاستفهامية معطوفة، وإذا كانت معطوفة لم يصح أن تقع جواب شرط. وأيضا فأرأيتم بمعنى أخبرني تحتاج