والترديد والتنويع ننوع الآيات ونرددها وهي الحجج الدالة على الوحدانية والقدرة الباهرة التامة والفعل بالاختيار ولما كان ما سبق ذكره من إرسال الرياح منتشرات ومبشرات سببا لإيجاد النبات الذي هو سبب وجود الحياة وديمومتها كان ذلك أكبر نعمة الله على الخلق فقال * (لقوم يشكرون) * أي * (بإذن ربه) *.
* (لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال ياقوم * قوم * اعبدوا الله ما لكم من إلاه غيره إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) * لما ذكر في هذه السورة مبدأ الخلق الإنساني وهو آدم عليه السلام وقص من أخباره ما قص واستطرد من ذلك إلى المعاد ومصير أهل السعادة إلى الجنة وأهل الشقاوة إلى النار وأمره تعالى بترك الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وكان من بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم) أولا غير مستجيبين له ولا مصدقين لما جاء به عن الله قص تعالى عليه أحوال الرسل الذين كانوا قبله وأحوال من بعثوا إليه على سبيل التسلية له صلى الله عليه وسلم) والتأسي بهم، فبدأ بنوح إذ هو آدم الأصغر وأول رسول بعث إلى من في الأرض وأمته أدوم تكذيبا له وأقل استجابة وتقدم رفع نسبه إلى آدم وكان نجارا بعثه الله إلى قومه وهو ابن أربعين سنة قاله ابن عباس، وقيل: ابن خمسين، وقال مقاتل ابن مائة، وقيل: ابن مائتين وخمسين، وقيل: ابن ثلاثمائة. وقال عون بن شداد: ابن ثلاثمائة وخمسين، وقال وهب: ابن أربعمائة وهذا اضطراب كثير من أربعين إلى أربعمائة فما بينهما وروي أن الطوفان كان سنة ألف وستمائة من عمره وهو أول الرسل بعد آدم بتحريم البنات والأخوات والعمات والخالات وجميع الخلق الآن من ذرية نوح عليه السلام وعن الزهري أن العرب وفارسا والروم وأهل الشام واليمن من ذرية سام بن نوح والهند والسند والزنج والحبشة والزط والنوبة وكل جلد أسود من ولد حام بن نوح والترك والبربر ووراء الصين وياجوج ومأجوج والصقالبة من ولد يافث بن نوح، ولقد أرسلنا استئناف كلام دون واو وفي هود والمؤمنون ولقد بواو العطف، قال الكرماني لما تقدم ذكر الرسول مرات في هود وتقدم ذكر نوح ضمنا في قوله وعلى الفلك لأنه أول من صنعها عطف في السورتين انتهى واللام جواب قسم محذوف أكد تعالى هذا الإخبار بالقسم، قال الزمخشري: فإن قلت: ما لهم لا يكادون ينطقون بهذه اللام إلا مع قد وقل عنهم قوله:
* حلفت لها بالله خلفة فاجر لناموا قلت: إنما كان ذلك لأن الجملة القسمية لا تساق إلا تأكيدا للجملة المقسم عليها التي هي جوابها فكانت مظنة لمعنى التوقع الذي هو معنى قد عند استماع المخاطب كلمة القسم انتهى، وبعض أصحابنا يقول إذا أقسم على جملة مصدرة بماض مثبت متصرف وكان قريبا من زمان الحال أثبت مع اللام بقد الدالة على التقريب من زمن الحال ولم تأت بقد بل باللام وحدها إن لم يرد التقريب، قال ابن عباس: * (أرسلنا) * بعثنا وقال غيره حملناه رسالة يؤديها فعلى هذا تكون الرسالة متضمنة للبعث وهنا فقال بفاء العطف وكذا في المؤمنون في قصة عاد وصالح وشعيب هنا قال بغير فاء والأصل الفاء وحذفت في القصتين توسعا. واكتفاء بالربط المعنوي وفي قصة