العرش يقال له ماء الحيوان أربعين سنة فينبتون كما ينبت الزرع فإذا كملت أجسامهم نفخ فيها الروح ثم يلقي عليهم نومة فينامون فإذا نفخ في الصور الثانية قاموا وهم يجدون طعم النوم فيقولون يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا فيناديهم المنادي هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون.
* (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذى خبث لا يخرج إلا نكدا) * * (الطيب) * الجيد الترب الكريم الأرض، * (والذى خبث) * المكان السبخ الذي لا ينبت ما ينتفع به وهو الرديء من الأرض، ولما قال * (فأخرجنا به من كل الثمرات) * تمم هذا المعنى بكيفية ما يخرج من النبات من الأرض الكريمة والأرض السبخة وتلك عادة الله في إنبات الأرضين وفي الكلام حال محذوفة أي يخرج نباته وافيا حسنا وحذفت لفهم المعنى ولدلالة * (والبلد الطيب) * عليها ولمقابلتها بقوله * (إلا نكدا) * ولدلالة * (بإذن ربه) * لأن ما أذن الله في إخراجه لا يكون إلا على أحسن حال و * (بإذن ربه) * في موضع الحال وخص خروج نبات الطيب بقوله * (بإذن ربه) * على سبيل المدح له والتشريف ونسبة الإسناد الشريفة الطبية إليه تعالى وإن كان كلا النباتين يخرج بإذنه تعالى ومعنى * (بإذن ربه) * بتيسيره وحذف من الجملة الثانية الموصوف أيضا والتقدير والبلد الذي خبث لدلالة * (والبلد الطيب) * عليه فكل من الجملتين فيه حذف وغاير بين الموصولين فصاحة وتفننا ففي الأولى قال: * (الطيب) * وفي الثانية قال: * (الذى * خبث) * وكان إبراز الصلة هنا فعلا بخلاف الأول لتعادل اللفظ يكون ذلك كلمتين الكلمتين في قوله * (والبلد الطيب) * والطيب والخبيث متقابلان في القرآن كثيرا * (قل لا يستوى الخبيث والطيب) * و * (يحل * لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبئث) * * (أنفقوا من طيبات ما كسبتم ولا تيمموا الخبيث) * إلى غير ذلك والفاعل في * (لا يخرج) * عائد على * (الذى * خبث) * وقد قلنا إنه صفة لموصوف محذوف والبلد لا يخرج فيكون على حذف مضاف إما من الأول أي ونبات الذي خبث أو من الثاني أي لا يخرج نباته فلما حذف استكن الضمير الذي كان مجرورا لأنه فاعل، وقيل هاتان الجملتان قصد بهما التمثيل، فقال ابن عباس وقتادة مثال لروح المؤمن يرجع إلى جسده سهلا طيبا كما خرج إذا مات ولروح الكافر لا يرجع إلا بالنكد كما خرج إذ مات انتهى، فيكون هذا راجعا من حيث المعنى إلى قوله * (كذالك نخرج الموتى) * أي على هذين الوصفين.
وقال السدي مثال للقلوب لما نزل القرآن كنزول المطر على الأرض فقلب المؤمن كالأرض الطيبة يقبل الماء وانتفع بما يخرج، وقلب الكافر كالسبخة لا ينتفع بما يقبل من الماء، وقال النحاس: هو مثال للفهيم والبليد، وقال الزمخشري: وهذا مثل لمن ينجع فيه الوعظ والتنبيه من المكلفين ولمن لا يؤثر فيه شيء من ذلك وعن مجاهد ذرية آدم خبيث وطيب وهذا التمثيل واقع على أثر ذكر المطر وإنزله بالبلد الميت وإخراج الثمرات به على طريق الاستطراد انتهى، والأظهر ما قدمناه من أن المقصود التعريف بعبادة الله تعالى في إخراج النبات في الأرض الطيبة والأرض الخبيثة دون قصد إلى التمثيل بشيء مما ذكروا، وقرأ ابن أبي عبلة وأبو حيوة وعيسى بن عمر * (يخرج نباته) * مبنيا للمفعول، وقرأ ابن القعقاع * (نكدا) * بفتح الكاف، قال الزجاج: وهي قراءة أهل المدينة، وقرأ ابن مصرف بسكونها وهما مصدران أي ذا نكد وكون نبات الذي خبث محصورا خروجه على حالة النكد مبالغة شديدة في كونه لا يكون إلا هكذا ولا يمكن أن يوجد * (إلا نكدا) * وهي إشارة إلى من استقر فيه وصف الخبيث يبعدعنه النزوع إلى الخير.
* (كذالك نصرف الآيات لقوم يشكرون) * أي مثل هذا التصريف